تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

القول الثالث: جواز الرمي قبل الزوال (يوم النفر الآخر)، وهو قول عكرمة، وإسحاق، والمشهور عن أبي حنيفة، ورواية عن أحمد، إلا أنه اشترط ألا ينفر إلا بعد الزوال، وفي رواية عن أبي حنيفة جواز الرمي قبل الزوال في النفر الأول إن كان قصده التعجل ().

واستدل أصحاب هذا القول بما يلي:

الدليل الأول: قوله تعالى: (واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه) [البقرة: 203].

وجه الدلالة: أن الله رخص في التعجل في يومين، وجعل اليوم كله محلاً للتعجل، واليوم ظرف لما يصدق عليه اسم اليوم ولو ببعض الساعات الأولى من النهار، فمن تعجل ورمى قبل الزوال فقد دخل في رخصة الله –عز وجل-.

الدليل الثاني: ما رواه البيهقي في سننه الكبرى (5/ 152) عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال: إذا انتفخ النهار من يوم النفر الآخر فقد حل الرمي والصدر والانتفاخ والارتفاع وفي إسناد هذا الأثر ضعف.

الدليل الثالث: أن له أن ينفر قبل اليوم الثالث ويترك الرمي فيه، فإذا جاز له ترك الرمي أصلاً، فلأن يجوز له الرمي قبل الزوال أولى.

وبذلك يعلم أن الرمي بعد الزوال في أيام التشريق هو السنة الموافق لفعل النبي – صلى الله عليه وسلم – ولكن القول بالرمي قبل الزوال وبخاصة في يوم النفر الأول قول له أدلته ووجاهته وقال به أئمة هدى، ومن عمل به فقد اتبع قولاً مدللاً واقتدى بسلف صالح.

المسألة الثانية: تأخير الرمي.

يجوز لمن كان في معنى الرعاة ممن هو مشغول أيام الرمي بعمل لا يفرغ معه للرمي، أو كان منزله بعيداً عن الجمرات، ويشق عليه التردد عليها ـ أن يؤخر رمي الجمرات إلى آخر يوم من أيام التشريق، ولا يجوز له أن يؤخره إلى ما بعد يوم الثالث عشر (آخر أيام التشريق). والرمي في هذه الحالة أداء لا قضاء وأيام التشريق كاليوم الواحد. وهذا رأي الشافعية والحنابلة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن من الحنفية وهو المعتمد عندهم، واختاره الشنقيطي –رحمهم الله-. وقيل كل يوم منها مستقل فيكون تأخير الرمي قضاء وهو قول أبي حنيفة ومالك وقول عند الشافعية والحنابلة ().

قال في المغني (5/ 333):"إذا أخر رمي يوم إلى ما بعده, أو أخر الرمي كله إلى آخر أيام التشريق ترك السنة, ولا شيء عليه, إلا أنه يقدم بالنية رمي اليوم الأول ثم الثاني ثم الثالث. وبذلك قال الشافعي وأبو ثور .. ثم قال في الاستدلال لذلك: "ولنا: أن أيام التشريق وقت للرمي , فإذا أخره من أول وقته إلى آخره لم يلزمه شيء , كما لو أخر الوقوف بعرفة إلى آخر وقته , ولأنه وقت يجوز الرمي فيه , فجاز لغيرهم كاليوم الأول. قال القاضي: ولا يكون رميه في اليوم الثاني قضاء ; لأنه وقت واحد. وإن كان قضاء فالمراد به الفعل, كقوله: (ثم ليقضوا تفثهم). وقولهم: قضيت الدين. والحكم في رمي جمرة العقبة إذا أخرها, كالحكم في رمي أيام التشريق, في أنها إذا لم ترم يوم النحر رميت من الغد. وإنما قلنا: يلزمه الترتيب بنيته; لأنها عبادات يجب الترتيب فيها, مع فعلها في أيامها, فوجب ترتيبها مجموعة, كالصلاتين المجموعتين والفوائت" أ. هـ.

كما يستدل لذلك بحديث أبى البداح بن عاصم بن عدي عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن منى، يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد ومن بعد الغد ليومين، ثم يرمون يوم النفر) أخرجه مالك في الموطأ (1/ 408) واللفظ له، وأحمد (5/ 450)، وأبو داود (1975)، والترمذي (955)، وابن ماجه (303)، والنسائي (5/ 273). وصححه الألباني في صحيح أبي داود (1/ 371).

قال مالك (الموطأ مع شرحه المنتقى 3/ 51): "تفسير الحديث فيما نرى والله أعلم أنهم يرمون يوم النحر، فإذا مضى اليوم الذي يلي يوم النحر رموا من الغد، وذلك يوم النفر الأول، فيرمون اليوم الذي مضى، ثم يرمون ليومهم ذلك؛ لأنه لا يقضي أحد شيئاً حتى يجب عليه، فإذا وجب عليه ومضى كان القضاء بعد ذلك، فإن بدا لهم النفر فقد فرغوا، وإن أقاموا إلى الغد رموا مع الناس يوم النفر الآخر ونفروا".

المسألة الثالثة: الدفع من عرفة قبل الغروب.

لا خلاف بين أهل العلم أن من وقف بعرفة ليلاً ولم يدرك جزءاً من النهار أن حجه صحيح ولا شيء عليه. قال في الشرح الكبير (9/ 174): "لا نعلم فيه خلافاً".

وإنما اختلفوا فيمن دفع من عرفة قبل الغروب على أقوال منها:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير