جنايات على العلم والمنهج (7) .. أن يُذهِبَ اختلافُ الآراء ائتلافَ القلوب ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[24 - 06 - 08, 03:48 م]ـ
جنايات على العلم والمنهج (7) .. أن يُذهِبَ اختلافُ الآراء ائتلافَ القلوب
بسم الله والحمد لله والصلاة والصلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد ..
فتتفرد هذه الجناية من بين الجنايات بكونها من أعظم الجنايات ضرراً على العلم والمنهج والدين والدنيا والعقل والقلب جميعاً ..
ولا أكون مبالغاً-إن شاء الله- إذا قلتُ أنه إليها ترجع أكثر أسباب فشل وسقوط كل أمة وحضارة لطالما ملأت جنبات الدنيا حركة وحياة، ثم لم يلبث أبناؤها أن تنازعو ففشلوا فذهبت ريحهم .. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
وسأحاول تفسير الفكرة التي أصبو إلى تقريرها بهذا الموضوع عبر النقاط التالية:
1 - ائتلاف القلوب هو: عقد من الحقوق الشرعية ينفي كل عداء وتشاحن وتباغض، ثبت هذا العقد بثبوت موجب وهو الانضواء تحت راية الإسلام، فيثبت عقد التآلف هذا لكل مسلم لا يُزيله عنه إلا الدخول في الكفر والعياذ بالله، وبموجب هذا العقد يثبت حب خاص ورحمة خاصة وحقوق خاصة تثبت للمسلم على المسلم، لا تزال باقية واجبة ما بقي اسم الإسلام، قطع الله به كل افتراق يؤدي إلى التدابر والتشاحن والتعادي والتباغض،وتلك هي أضداد ذلك الائتلاف فلا محل لها ولا مجال بين المسلم والمسلم، وهذا الائتلاف هو الذي لا ينبغي أبداً أن يُضيعه أي اختلاف في الرأي مهما كان مبلغه مادام لم يُخرج المخالف عن الإسلام.
قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}.
2 - قال الله تعالى: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
وقال رسول الله http://majles.alukah.net/images/smilies/salah.gif : (( يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ مَا قَالَةٌ بَلَغَتْنِى عَنْكُمْ وَجِدَةٌ وَجَدْتُمُوهَا فِى أَنْفُسِكُمْ أَلَمْ آتِكُمْ ضُلاَّلاً فَهَدَاكُمُ اللَّهُ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ وَأَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ)).
نعم. فقلوب العباد بين أصابع الرحمن يُقلبها كيف يشاء، وهو وحده القادر سبحانه على إلقاء الألفة والمودة في القلوب وبين القلوب، وهو وحده القادر على انتزاعها؛ولكنا مأمورون بطرق الأبواب وتلمس السبل والأسباب التي تعين على حصول التآلف بين القلوب وتوكيده إذا حصل ..
ومأمورون بسد ذرائع اختلاف القلوب وتنافرها، منهيون عن فعل كل شئ يؤدي إلى هذا التخالف ويكون سبباً في انتفاء التآلف ..
عَنْ أَبِى الْقَاسِمِ الْجَدَلِىِّ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ فَقَالَ «أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ». ثَلاَثًا «وَاللَّهِ لَتُقِيمُنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ». قَالَ فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَرُكْبَتَهُ بِرُكْبَةِ صَاحِبِهِ وَكَعْبَهُ بِكَعْبِهِ.
3 - وقد هدانا الله معاشر المسلمين إلى أعظم أسباب الائتلاف وأوطدها وأرسخها =أعني اجتماع القلوب على الإيمان بالله وحده ..
ثم امتن الله علينا بأن ألف بين هذه القلوب وجمعها فقال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}
وهل يجمل بقلوب اجتمعت على الإيمان بالله ومحبته وطاعته أن يحصل بينها ما ينقض هذا الائتلاف العظيم ..
4 - وإن من أعظم البلاء الذي حل بالناس حتى لا يكادون يجدون عنه مخرجاً=ما يقع بينهم من تنافر القلوب تبعاً لاختلاف الآراء ..
¥