تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يا أبا عبد الرحمن، فالنخعي والشعبي وسمى عدة معهما كانوا يشربون الحرام فقلت لهم: دعوا عند الاحتجاج تسمية الرجال، فرب رجل في الإسلام مناقبه كذا وكذا وعسى أن يكون منه زلة أفَلِأحد أن يحتج بها؟

فإن أبيتم فما قولكم في عطاء وطاوس , وجابر بن زيد وسعيد بن جبير , وعكرمة؟

قالوا: كانوا خيارا , قلت: فما قولكم في الدرهم بالدرهمين يدا بيد فقالوا: حرام , فقال ابن المبارك: إن هؤلاء رأوه حلالا فماتوا وهم يأكلون الحرام.؟

فبهتوا وانقطعت حجتهم.

قال ابن المبارك:

ولقد أخبرني المعتمر بن سليمان قال: رآني أبي وأنا أنشد الشعر فقال: لا يا بني لا تنشد الشعر فقلت: له يا أبت كان الحسن ينشد وكان ابن سيرين ينشد فقال لي: أي بني إن أخذت بشر ما في الحسن وبشر ما في ابن سيرين اجتمع فيك الشر كله.

وهذا الذي ذكره ابن المبارك متفق عليه بين العلماء , فإنه ما من أحد من أعيان الأمة من السابقين الأولين ومن بعدهم إلا لهم أقوال وأفعال خفي عليهم فيها السنة وهذا باب واسع لا يحصى مع أن ذلك لا يغض من أقدارهم ولا يسوغ اتباعهم فيها , كما قال سبحانه: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول}.

قال ابن مجاهد والحكم بن عتيبة ومالك وغيرهم:

ليس أحد من خلق الله إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال سليمان التيمي:

إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله.

قال ابن عبد البر:

هذا إجماع لا أعلم فيه خلافا.

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في هذا المعنى ما ينبغي تأمله:

فروى كثير بن عبد الله بن عمر , وابن عوف المزني , عن أبيه , عن جده قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إني لأخاف على أمتي من بعدي من أعمال ثلاثة قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: أخاف عليهم من زلة العالم , ومن حكم جائر ومن هوى متبع}.

وقال زياد بن حدير: قال عمر: (ثلاث يهدمن الدين: زلة العالم وجدال المنافق بالقرآن وأئمة مضلون)

وقال الحسن: قال أبو الدرداء: (إن مما أخشى عليكم زلة العالم وجدال المنافق بالقرآن , والقرآن حق وعلى القرآن منار كأعلام الطريق.

وكان معاذ بن جبل يقول في خطبته كل يوم - قل ما يخطيه أن يقول ذلك -:

الله حكم قسط هلك المرتابون , إن وراءكم فتنا يكثر فيها المال ويفتح فيها القرآن حتى يقرأه المؤمن والمنافق والمرأة والصبي الأسود والأحمر فيوشك أحدهم أن يقول قد قرأت القرآن فما أظن أن يتبعوني حتى أبتدع لهم غيره , قال: فإياكم وما ابتدع فإن كل بدعة ضلالة , وإياكم وزيغة الحكيم , فإن الشيطان قد يتكلم على لسان الحكيم بكلمة الضلالة , وإن المنافق قد يقول كلمة الحق فتلقوا الحق عمن قد جاء به فإن على الحق نورا , قالوا: وكيف زيغة الحكيم؟ قال: هي كلمة تروعكم وتنكرونها وتقولون ما هذه فاحذروا زيغته ولا يصدنكم عنه فإنه يوشك أن يفيء وأن يراجع الحق , وإن العلم والإيمان مكانهما إلى يوم القيامة فمن ابتغاهما وجدهما)

وقال سلمان الفارسي: (كيف أنتم عند ثلاثة: زلة العالم وجدال المنافق بالقرآن ودنيا تقطع أعناقكم , فأما زلة العالم فإن اهتدى فلا تقلدوه دينكم تقول: نصنع مثل ما يصنع فلان وننهى عما ينهى عنه فلان إن أخطأ فلا تقطعوا إياسكم منه فتعينوا عليه الشيطان، وأما مجادلة منافق بالقرآن فإن للقرآن منارا كمنار الطريق فما عرفتم منه فخذوه وما لم تعرفوه فكلوه إلى الله سبحانه، وأما دنيا تقطع أعناقكم فانظروا إلى من هو دونكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم)

وعن ابن عباس قال: (ويل للأتباع من عثرات العالم قيل كيف ذاك؟ قال يقول العالم شيئا برأيه ثم يجد من هو أعلم منه برسول الله صلى الله عليه وسلم فيترك قوله ذلك , ثم يمضي الأتباع.)

وهذه آثار مشهورة رواها ابن عبد البر وغيره.

فإذا كنا:

1 - قد حذرنا من زلة العالم وقيل لنا: إنها أخوف ما يخاف علينا.

2 - وأمرنا مع ذلك أن لا يرجع عنه [قال المحقق: أي نبقي على تقدير العالم وحفظ منزلته]

فالواجب على من شرح الله صدره للإسلام:

إذا بلغته مقالة ضعيفة عن بعض الأئمة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير