فلعن المسلم المعين: حرام، وأشد منه: رميه بالكفر، وخروجه من الإسلام، وفي ذلك أمور غير مرضية:
1 - منها: إشمات الأعداء بأهل هذه الملة الزكية.
2 - وتمكينهم بذلك من القدح في المسلمين، واستضعافهم لشرائع هذا الدين.
3 - ومنها: أنه ربما يُقْتَدَى بالرامي: فيما رمى؛ فيتضاعف وزره بعدد من تبعه مأثماً، وقل أن يسلم من رمى بكفر مسلماً، فقد خرج ابن حبان في صحيحه عن أبي سعيد الخدري – رضي الله تعالى عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:
((ما أكفر رجل رجلاً؛ إلا باء بأحدهما؛ فإن كان كافراً، وإلا كفر بتكفيره))، وله شاهد في الصحيحين من حديث أبي ذر وابن عمر رضي الله تعالى عنهم … فهل بعد هذا الوعيد من مزيد في التهديد!!
ولعل الشيطان يزين لمن اتبع هواه ورمى بالكفر، والخروج من الإسلام أخاه: أنه تكلم فيه بحق!!! ورماه!!! وأنه من باب الجرح والتعديل لا يسعه السكوت عن القليل من ذلك؛ فكيف بالجليل!!!!!!!!!!
هيهات هيهات: إن في مجال الكلام في الرجال: عقبات مرتقيها على خطر، ومرتقبها هوى لا منجى له من الأثم، ولا وزر؛ فلو حاسب نفسه الرامي أخاه: ما السبب الذي هاج ذلك؛ لتحقق أنه: > الذي صاحبه هالك.
@ ثم انتقل المؤلف – رحمه الله تعالى لمسألة مهمة، ألا وهي معرفة: طبقات النقاد.
لأن " الكلام في الرجال ونقدهم يستدعي أموراً في تعديلهم، وردهم:
1 - منها: أن يكون المتكلم عارفاً بمراتب الرجال، وأحوالهم في الانحراف والاعتدال، ومراتبهم من الأقوال، والأفعال.
2 - وأن يكون من أهل الورع، والتقوى، مجانباً للعصبية، والهوى.
3 - خالياً من التساهل، عارياً عن غرض النفس بالتحامل، مع العدالة في نفسه.
4 - والاتقان والمعرفة بالأسباب التي يجرح بمثلها الإنسان، وإلا لم يقبل قوله فيمن تكلم، وكان ممن اغتاب، وفاه بمحرم.
@@ فتأمل أيها المجترئ على أعراض العلماء: هذه الشروط، فإنك يا بني لم تبلغ عشر معشارها!!! فاترك عنك الهوى، ولذ بمن يعلم السر، وأخفى، واسأله أن ينجيك من أهواء نفسك، وسوء معدنك، وغرسك!!
@ ثم نبه المصنف – رحمه الله تعالى- إلى مسألة يغفل عنها كثير من الناقلين عن العلماء: طعونهم في إخوانهم العلماء، ويظن أنه إذا سود كتابه بالنقول عن فلان، وفلان، فقد وثق الكلام، وأكد سبب الخصام!!
وهذه المسألة هي: " الطعن بسبب المذهب!!! ".
قال – رحمه الله تعالى -:" فإذا نظرنا في كلام من ذكر وأشير إليه، رأينا كلاً منهم يعتمد في الجرح والتعديل عليه، ولم نر أحداً منهم عمد إلى إمام جليل، ثقة نبيل، رماه عن الإسلام بالتحويل، ولا أفصح بكفره تصريحاً، ولا حكم عليه بعد موته بالكفر تجريحاً، حاشا أئمة هذه السنة من الميل عن سنن الهدى، أو الانحراف إلى قلة الانصاف باتباع الهوى، لكن بعض الأعيان، تكلم في بعض الأقران: مثل كلام أبي نعيم في ابن منده، وابن منده فيه، فلا نتخذ كلامهما في ذلك عمدة، بل ولا نحكيه؛ لأن الناقد إذا بحث عن سبب الكلام في مثل ذلك وانتقد: رآه إما:
? لعداوة.
? أو لمذهب.
? أو لحسد.
وقل أن يسلم عصر بعد تلك القرون الثلاثة من هذه المهالك!! ومن نظر في التاريخ الإسلامي فضلاً عن غيره: حقق ذلك، وما وقع منه في الأغلب: كان سببه المذهب!!
ولقد قال إمام الجرح والتعديل، والمعتمد عليه في المدح والقدح، أبو عبد الله، محمد، ابن الذهبي - فيما وجدته بخطه -:"
ولا ريب أن بعض علماء النظر بالغوا في النفي والرد، والتحريف والتنزيه؛ بزعمهم! حتى وقعوا في: بدعة، أو نعت الباري بنعوت المعدوم!!!
كما أن جماعة من علماء الأثر: بالغوا في الإثبات، وقبول الضعيف، والمنكر، ولهجوا بالسنة والاتباع!! فحصل الشغب!! ووقعت البغضاء!! وبَدَّعَ هذا: هذا!! وكَفَّرَ هذا: هذا!!!
ونعوذ بالله: من الهوى، والمراء في الدين، وأن نكفر مسلماً، موحداً بلازم قوله، وهو يفر من ذلك اللازم، وينزه، ويعظم الرب ".انتهى قول الذهبي.
@ بعد ذلك: نقل المصنف أقسام العلماء في الجرح والتعديل، وأنهم في الجرح والتعديل منقسمون إلى: قوي، ومتوسط، ومن كلامه فيه تسهيل.
@ ثم بين سبب تأليفه لهذا الكتاب؛ فقال:
¥