تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[وقفات مع دعاء الذهاب إلى المسجد]

ـ[العوضي]ــــــــ[28 - 06 - 08, 04:55 م]ـ

[وقفات مع دعاء الذهاب إلى المسجد]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين .. أما بعد:

حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - كلها لله - عز وجل -: صلاته لله، نسكه لله، حياته لله، مماته لله قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ1، فكان في كل وقته ذاكراً لله - عز وجل -؛ يذكر الله في قيامه وقعوده، وذهابه وإيابه ممتثلاً قول ربه: وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا2.

ما أجملها من حياة: ذكر ودعاء، خوف ورجاء، ذل وبكاء .. إنها والله بساتين غناء؛ لعلنا نقطف زهرة منها؛ نشم عبيرها؛ ونحيا نسيمها، ننتقل إلى صاحب هذه الجنات؛ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يسير إلى الرياض الغناء، يسير إلى ربه ليناجيه؛ ليشكو همومه بين يديه، وقبل هذا اللقاء؛ قبل الدخول على ملك الملوك؛ يتمتم - صلى الله عليه وسلم - بكلمات يجعلها بين يدي ربه - عز وجل - قبل القدوم عليه ((اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي لساني نوراً، وفي سمعي نوراً، وفي بصري نوراً)) 3، وعن ابن عباس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: ((اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي لساني نوراً، وفي بصري نوراً، وفي سمعي نوراً، وعن يميني نوراً، وعن يساري نوراً، ومن فوقي نوراً، ومن تحتي نوراً، ومن أمامي نوراً، ومن خلفي نوراً، واجعل لي في نفسي نوراً، وأعظم لي نوراً)) 4.

وكان في دعائه: ((اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي بصري نوراً، وفي سمعي نوراً، وعن يميني نوراً، وعن يساري نوراً، وفوقي نوراً، وتحتي نوراً، وأمامي نوراً، وخلفي نوراً، واجعل لي نوراً)) وزاد بعضهم: ((وفي لساني نوراً)) وذكر: ((وعصبي ولحمي، ودمي وشعري، وبشري) وفي رواية لهم5: ((واجعل في نفسي نوراً، وأعظم لي نوراً)) 6.

النبي - صلى الله عليه وسلم - يطلب من ربه النور؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - يعلم من أين يأتي النور؟ ومن أين ينبثق؟ ومن أين ينتشر الضياء؟ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ7، والله - عز وجل - يجعل لعبده من النور بقدر ما يقترب إليه؛ فكلما ناجاه، وطلب رضاه، وترك ما يأباه؛ آتاه نوراً وهداه؛ فمن النور ما يكون في الصلاة كما في الحديث عن أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن (أو تملأ) ما بين السماوات والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبايع نفسه فمعتقها أو موبقها)) 8، " (الصلاة نور) معناه أنها تمنع من المعاصي، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، وتهدي إلى الصواب؛ كما أن النور يستضاء به"9، إنك ترى النور في من قام يصلي لله - عز وجل - في الأسحار؛ قيل للحسن البصري - رحمه الله تعالى -: ما بال المتهجدين أحسن الناس وجوها؟ فقال: "لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم نوراً من نوره"10.

النور نجده يتجلى في الحياة مع كتاب الله - عز وجل - قال - تعالى-: قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ11، تجد النور في بيوت الله - عز وجل - إذ تملأ الآفاق نوراً، يرِدُها عباد الله لينهلوا من معينها، ويهتدوا بنورها، فبعد أن ذكر الله نوره الذي تحيا به السموات والأرض؛ أخبر سبحانه أن المساجد تمتلئ بهذا النور قال - تعالى-: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ12.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير