تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والعرف كما يقول ابن تيمية: (هو ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه). يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: (ومن أفتى الناس بمجرد المنقول على اختلاف عرفهم وعوائدهم، وأزمنتهم وأمكنتهم وأحوالهم وقرائن أحوالهم: فقد ضل وأضل، وكانت جنايته على الدين أعظم من جناية من طبب الناس كلهم على اختلاف بلادهم وعوائدهم وأزمنتهم وطبائعهم، بما في كتاب من كتب الطب على أبدانهم، بل هذا الطبيب الجاهل، وهذا المفتي الجاهل أضر على أديان الناس وأبدانهم والله المستعان). هذا بالنسبة للعرف المعتبر الصحيح، أما العرف الفاسد: وهو ما يخالف أحكام الشريعة وقواعدها الثابتة، مثل: تعارف الناس على كثير من المنكرات، كالتعامل بالربا، وشرب الخمر، وحلق اللحى، ونحوها، فهذا عرف غير معتبر، إلا أن بعض دعاة منهج التيسير المعاصر عدّ هذا العرف سبباً للتيسير.

4 - المؤثرات العلمية:

إن تأثر العالم والمفكر بمشربه العلمي ووسطه المعرفي الذي استقى منه علومه ومعارفه أمر لا يختلف فيه اثنان، فالعالم يتأثر بشيخه، وهذا مُلاحظ معلوم؛ فالشيخ لا بد أن يترك أثراً على تلميذه، إما في منهجه في التأليف أو طريقته في الاستنباط أو بتبني بعض آرائه، أو في كل ما سبق وربما أكثر. ومن أبرز الأمثلة المشهورة عند أهل العلم الأثر الواضح الذي تركه شيخ الإسلام ابن تيمية على تلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى، فقد كان التلميذ كأنه جزء قُدَّ من شيخه. ومما نراه الآن التأثر الواضح الذي يُلحظ في منهج الدكتور القرضاوي تأثراّ بشيخه محمد الغزالي رحمه الله وبشيخه مصطفى الزرقا رحمه الله، ومن قرأ طرقهم في الاستنباط وعرض القضايا في كثير من المسائل يظن أنها لكاتب واحد، ومن هذه المسائل: سفر المرأة بلا محرم، عمل المرأة، رجم الزاني، إضافة إلى تهوينهم من فروع المسائل، ونحو ذلك.

الثاني: الأسباب الخارجية:-

1 - الترغيب في الدخول في الإسلام:

إن دعوة غير المسلمين إلى الإسلام وترغيبهم في الدخول فيه من أوجب الواجبات على أهل الإسلام، لا سيما الدعاة والعلماء منهم، وقد جاءت نصوص الكتاب والسنة تُرَغّب في ذلك وتدعو إليه، قال تعالى: ? وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ? [19] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn19). وقال ص لعلي بن أبي طالب ر: " فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدا خير لك من حُمر النعم " [20] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn20) . قال ابن القيم رحمه الله تعليقا على هذا الحديث: (إذا اهتدى رجل واحد بالعالِم كان ذلك خيراً له من حُمر النعم، وهي خيارها وأشرفها عند أهلها، فما الظن بمن يهتدي به كل يوم طوائف من الناس). ولم ينتشر هذا الدين إلا بسبب عوامل عديدة من أبرزها يسر الإسلام.

ومن تتبع أحوال بعض دعاة فقه التيسير المعاصر يرى أن هذا السبب قد طغى على كتاباتهم، وأن الترغيب في الدخول إلى الإسلام يمثل الهمّ الأكبر لبعضهم – فجزاهم الله خيراً -، لكن هذا الهم – على جلالته – مَثَّل مزلقاً أُهدرت فيه كثير من قواعدنا العلمية وقضايانا الفقهية ومسائلنا الدينية. لقد أصبح واضحاً على دعاة هذا المنهج أن الرغبة في نشر الإسلام بدا غاية تذلل أمامها كل العقبات، ويسلك لأجلها جميع القنوات حتى ولو كان بعضها محرّما، فهاهو الغزالي ينصح ويوجه دعاة الأمة بقوله: (وأوصي الدعاة الذين يذهبون إلى كوريا ألا يفتوا بتحريم لحم الكلاب، فالقوم يأكلونها، وليس لدينا نص يفيد الحرمة، ولا نريد أن نضع عوائق أمام كلمة التوحيد وأصول الإسلام). ويا سبحان الله! هل يمكن أن يصدق أحد أن المانع لهؤلاء القوم من الإسلام هي هذه الأمور، بل إن من يفعل ذلك سيخسر الاثنين، فلا القوم أسلموا حين أُذن لهم بأكل لحوم الكلاب، ولا هذا حفظ كرامة النصوص من التغيير والتبديل.

2 - كثرة الهجرة والابتعاث إلى بلاد الغرب:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير