فهذا تلخيص لرسالة جامعية مطبوعة في كتاب بعنوان (منهج التيسير المعاصر، دراسة تحليلية) لـ (عبد الله بن إبراهيم الطويل)، وقد دفعنا إلى تلخيص بعض الكتاب طلبُ شيخنا الفاضل: فضيلة الشيخ الدكتور/ خالد بن علي المشيقح، حفظه الله؛ حيث انه أراد بتلخيصه نفع طلاب العلم به، وذلك لأهمية الموضوع وشدة الحاجة إليه، فاستعنّا بالله وبدأنا بالتلخيص، ونسأل الله عز وجل أن يجعل من ورائه النفع والفائدة.
1. محمد بن عبد الله الشنو
2. أحمد بن صلاح يونس
أصول اليسر في الإسلام
أولاً/ أصول اليسر في القرآن الكريم:
1 - قال تعالى: ? يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ?.
تبين هذه الآية أن الله تعالى أراد بتشريعه الأحكام: اليسر والتخفيف والرحمة ونفي الحرج، ونحو ذلك، والآية وإن كانت واردة في شأن الرخص في الصيام إلا أن المراد منها العموم كما صرح بذلك غير واحد من المفسرين.
2 - قال تعالى: ? يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا ?.
هذا تذكير بأن الله يوالي رفقه بهذه الأمة، وإرادته بها اليسر دون العسر. والضعف المشار إليه هو ضعف الإنسان أمام الشهوة الجنسية؛ لأن الآية تتحدث عن ترخيص الله تعالى بنكاح الإماء المؤمنات لمن عجز عن زواج الحرائر.
3 - قال تعالى: ? لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ?.
بيان أن الله سبحانه وتعالى لا يكلف النفس إلا في حدود قدرتها الميسرة دون بلوغ غاية الطاقة.
ثانياً/ أصول اليسر في السنة النبوية:
لقد وصف الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله: ? قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ?، ولقد كان الوحي وهو ينزل يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه بمنهج اليسر، ويقوّم معوجّ المسلمين في هذا الجانب، ويسددهم حين يكون الانحراف. وسلك الرسول صلى الله عليه وسلم هذا المنهج الذي أراده الله لهذه الأمة؛ فقام على تحقيقه في نفسه وفي الآخرين، فكانت السنة النبوية حافلة بمواضع عديدة تدل على اليسر، وهي على ثلاثة أنواع:
1 - أحاديث يستفاد منها سماحة هذا الدين ويسره:
أ) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه".
ب) عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: ما خيّر رسول الله صبين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما.
ج) عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا ولكن بعثني معلما ميسرا ".
2 - أحاديث تفيد في جملتها خشية النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون قد شق على أمته:
أ) جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إني لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز كراهية أن أشق على أمه ".
ب) عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها وهو قرير العين طيب النفس، ثم رجع إليها وهو حزين، فقال: " إني دخلت الكعبة وودت أني لم أكن فعلت؛ إني أخاف أن أكون قد أتعبت أمتي من بعدي ".
3 - أحاديث يأمر أصحابه فيها بالتخفيف، وينكر عليهم فيها التشديد والغلو:
أ) قوله صلى الله عليه وسلم: " يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا ".
ب) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هلك المتنطعون " ثلاثاً. .
ثالثا / منهج الصحابة ومن بعدهم في الأخذ بالتيسير:
1 - خرج عمر رضي الله عنه في ركب فيهم عمرو بن العاص، حتى وردوا حوضا، فقال عمرو: يا صاحب الحوض هل ترد حوضك السباع؟، فقال عمر: لا تخبرنا فإنا نرد السباع وترد علينا.
2 - مر عمر رضي الله عنه مع صاحب له، فسقط عليه شيء من ميزاب، فقال صاحبه: يا صاحب الميزاب ماؤك طاهر أم نجس؟، فقال عمر: يا صاحب الميزاب لا تخبرنا. ومضى.
3 - يقول عمير بن إسحاق: لما أدركت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ممن سبقني منهم فما رأيت قوما أيسر سيرة ولا أقل تشدداً منهم.
¥