??????????
ضوابط اليسر في الإسلام
إذا تقرر ما مضى من بناء الشريعة في أصولها وأهدافها على اليسر، فإن هذا اليسر له ضوابط تنظمه وتضبطه، ولعل هذه الضوابط تتلخص في العناصر التالية:
1 - أن يكون التيسير ثابتاً بالكتاب أو السنة:
فالتيسير لا بد أن يكون ثابتا بأحد الوحيين، حتى يتسنى للمسلمين العمل به واعتماده، لا أن يكون التيسير بحسب الهوى والتشهّي واستحسان العباد واستقباحهم. فكل تيسير لا يستند إلى الكتاب أو السنة فهو تيسير ملغى مطّرح؛ لأن الشرع لا يثبت بمجرد الاستحسان العقلي دون التقيد بأي دليل. كما ينبغي أن لا يكون التيسير ناتجا عن ضغط الواقع القائم في مجتمعاتنا المعاصرة، وهو واقع لم يصنعه الإسلام بعقيدته وشريعته وأخلاقه، ولم يصنعه المسلمون بإرادتهم وعقولهم وأيديهم، إنما هو واقع صُنع لهم وفُرض عليهم في زمن غفلة وضعف وتفكك منهم. فليس معنى التيسير أن نحاول تسويغ هذا الواقع على ما فيه، وجرّ النصوص من تلابيبها لتأييده.
2 - عدم مجاوزة النص في الأخذ بالتيسير:
فلا يجوز الاستزادة في التخفيف والتيسير كمّاً أو كيفاً على ما ورد به النص، فلا يصح مثلاً أن يُقال أن مشقة الحرب بالنسبة للجنود تقتضي وضع الصلاة عنهم أو تأخيرها إلى القضاء فيما بعد. وإنه كلما كان التمسك بالنص الشرعي والتزام الحكم المستفاد منه، كان ما يفيده من التيسير ورفع الحرج أبلغ.
3 - أن لا يعارض التيسير نصّاً من الكتاب أو السنّة:
فلا اجتهاد مع النص، فالكتاب والسنة هما المصدر الأساس لهذا الدين، وبقية الأدلة والأصول الشرعية تبع لهما، فمتى حصل تعارض بينهما وجب المصير إلى الأخذ بالنص.
4 - أن يكون التيسير مقيّداً بمقاصد الشريعة:
فالشريعة الإسلامية جاءت لتحقيق مصالح الخلق، واليسر يجب أن ينطلق من الشرع ويتقيد بقيوده، فلا التفات إلى تيسير يحكم به العقل وحده، بل لابد أن يكون راجعاً إلى حفظ مقصود من مقاصد الشرع، فإن ناقضه فليس بتيسير.
??????????
مفهوم التيسير المعاصر
أولاً / مفهوم منهج التيسير المعاصر عند العلماء المعاصرين:
العلماء في الإسلام لهم منزلة ليست لغيرهم؛ فقد جعل لهم الشارع مقاماً رفيعاً، وجعلهم أدلّاء للناس على أحكام الله عز وجل، فهم الذين يقومون بدور الطلائع الذين يكتشفون الخطر قبل وقوعه، وينبهون الأمة على المزالق قبل التورط فيها.
والعلماء المعاصرون تأسّوا بسلفهم من السابقين، فحذروا من الغلوّ في الدين والتشدد فيه، وحذّروا كذلك من التساهل والتفريط، وتتركز جهودهم في مجابهة التيسير غير المنضبط في التأصيل الشرعي لموضوع اليسر ورفع الحرج، وكذلك في الرد على أصحاب هذا المنهج ومناصحتهم. ومن الكتب التي ألّفها علماء الإسلام في هذا المجال:
1 - (رفع الحرج في الشريعة الإسلامية ضوابطه وتطبيقاته) للدكتور صالح بن حميد.
2 - (رفع الحرج في الشريعة الإسلامية) لمنّاع القطّان.
3 - (يسر الإسلام وأصول التشريع العام) لمحمد رشيد رضا.
ثانياً / مفهوم منهج التيسير المعاصر عند العلمانيين:
لقد اتخذ دعاة العلمانية والعصرنة من التيسير باباً يتسللون منه لينالوا من الشريعة، بل ويعطّلوا كثيراً من النصوص القطعيّة الثابتة، فهم يرون أن من التيسير أن يكون التشريع من حق العلمانية، وليس من حق الإسلام أن يحكم المجتمع ويشرّع له ويُحلّل ويُحرّم، ويرون أن التيسير يقتضي أن لا تبقى المفاهيم والمعتقدات والقيم على حالها، بل لابد من مواكبة العصر. ويمثّلون لهذا بأمثلة كثيرة كالربا، والفوائد البنكية، وكون ميراث المرأة نصف ميراث الرجل، وحجاب المرأة، وقطع يد السارق، ونحو ذلك.
ولعل الفساد الذي لحق بعقول هؤلاء هو أنهم لم يفرّقوا بين اليسر واللذة والشهوة؛ لأن المنافع ليست هي ما يوافق الأغراض والشهوات دائما، ولم يفرقوا بين اليسر الموهوم واليسر الحقيقي.
??????????
أصول منهج التيسير المعاصر
أولاً/ النظر إلى المقاصد دون النصوص:
لخّص الإمام الشاطبي – رحمه الله – شروط المجتهد في الاتصاف بوصفين:
1 - فهم مقاصد الشريعة على كمالها.
2 - التمكن من الاستنباط بناء على فهمه منها.
وتكلم عن علاقة مقاصد الشارع بنصوصه، حيث أشار إلى وجود ثلاثة اتجاهات في ذلك:
¥