تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولعل من أبرز الأمثلة هنا هما الإمامان الجليلان: أبو حنيفة ومالك رحمهما الله، أما أبو حنيفة فقد نشأ في بلاد العراق وهي بلد كثر عمرانها فكثر فيها المال وتنامت تجارتها، واشتدت دولتها، فكان أبو حنيفة متكلماً في معاملات الناس كلام الخبير، بل أصبح فقيه العراق الأول، فقد فقه الحياة فامتد بصره الثاقب ليشمل المستقبل وما ينطوي عليه من أحداث واحتمالات، فأصّل لفقهه وعلمه واحترز للبلاء قبل وقوعه، قم إن بيئته التي نشأ فيها كانت بيئة متأثرة بالحضارة الفارسية التي تجمعت بها طوائف من العرب الفاتحين وأخرى من سكان البلاد الأصليين، واختلط فيها ما روي من صحيح الحديث بالمكذوب الموضوع، فاحتاط لنفسه في الأخذ بالأثر، واتسعت دائرة القول بالرأي في المسائل الفقهية. وأما الإمام مالك فقد نشأ في المدينة المنورة حيث ينتشر حفّاظ الحديث ورواته، مما أغنى ثروة الإمام مالك الفقهية المستندة في الغالب إلى الآثار وأقوال الصحابة والتابعين، ولذلك ألّف كتابه الشهير (الموطّأ).

2 - المؤثرات الزمانية:

راعت الشريعة الإسلامية هذه المؤثرات في بناء الأحكام الشرعية وسايرت فترات الإنسان بما يضمن لها البقاء،ويحقق للإنسان مصلحته العاجلة والآجلة. وقد وردت بعض الأحكام في السنة النبوية بنيت على رعاية أحوال الناس وأخلاقهم في زمن النبوة، ثم تبدلت أحوال الناس بعدهم، فتغيرت الفتاوى، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (لو أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن كما مُنعت نساء بني إسرائيل).

قال القسطلاني رحمه الله: (واستحباب خروجهن مطلقاً إنما كان في ذلك الزمن حيث كان الأمن من فسادهن.

3 - المؤثرات العرفية:

والعرف كما يقول ابن تيمية: (هو ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه). يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: (ومن أفتى الناس بمجرد المنقول على اختلاف عرفهم وعوائدهم، وأزمنتهم وأمكنتهم وأحوالهم وقرائن أحوالهم: فقد ضل وأضل، وكانت جنايته على الدين أعظم من جناية من طبب الناس كلهم على اختلاف بلادهم وعوائدهم وأزمنتهم وطبائعهم، بما في كتاب من كتب الطب على أبدانهم، بل هذا الطبيب الجاهل، وهذا المفتي الجاهل أضر على أديان الناس وأبدانهم والله المستعان). هذا بالنسبة للعرف المعتبر الصحيح، أما العرف الفاسد: وهو ما يخالف أحكام الشريعة وقواعدها الثابتة، مثل: تعارف الناس على كثير من المنكرات، كالتعامل بالربا، وشرب الخمر، وحلق اللحى، ونحوها، فهذا عرف غير معتبر، إلا أن بعض دعاة منهج التيسير المعاصر عدّ هذا العرف سبباً للتيسير.

4 - المؤثرات العلمية:

إن تأثر العالم والمفكر بمشربه العلمي ووسطه المعرفي الذي استقى منه علومه ومعارفه أمر لا يختلف فيه اثنان، فالعالم يتأثر بشيخه، وهذا مُلاحظ معلوم؛ فالشيخ لا بد أن يترك أثراً على تلميذه، إما في منهجه في التأليف أو طريقته في الاستنباط أو بتبني بعض آرائه، أو في كل ما سبق وربما أكثر. ومن أبرز الأمثلة المشهورة عند أهل العلم الأثر الواضح الذي تركه شيخ الإسلام ابن تيمية على تلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى، فقد كان التلميذ كأنه جزء قُدَّ من شيخه. ومما نراه الآن التأثر الواضح الذي يُلحظ في منهج الدكتور القرضاوي تأثراّ بشيخه محمد الغزالي رحمه الله وبشيخه مصطفى الزرقا رحمه الله، ومن قرأ طرقهم في الاستنباط وعرض القضايا في كثير من المسائل يظن أنها لكاتب واحد، ومن هذه المسائل: سفر المرأة بلا محرم، عمل المرأة، رجم الزاني، إضافة إلى تهوينهم من فروع المسائل، ونحو ذلك.

الثاني: الأسباب الخارجية:-

1 - الترغيب في الدخول في الإسلام:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير