تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومردّ التشابه هذا إما أن يكون إلى تقصير الناظر في الاجتهاد والنظر إلى النصوص، وإما أن يكون إلى زيغان الناظر بإتباعه الهوى. والواجب نحو هذا النوع أن يرد إلى عالمه، والعالم عليه أن يرد المتشابه إلى المحكم. ولخطورة إتباع المتشابه كان السلف رحمهم الله يردعون متبعه ويؤدبونه تأديبا بالغاً؛ لكون هذا يؤدي إلى الانحراف عن الحق. ولقد سلك بعض دعاة فقه التيسير هذا المسلك فأخذوا به في مجالات متعددة، نكتفي هنا بذكر مثال واحد عليها:

سفر المرأة بغير محرم: فد وردت أدلة واضحة صريحة تدل على تحريم سفر المرأة بغير محرم، من ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم "، وهناك أدلة أخرى قائمة على ذلك، ويقول الحافظ ابن حجر رحمه الله بعد أن ساق هذه الأدلة، يقول: (وهو إجماع في غير الحج والعمرة والخروج من دار الشرك). ومع هذا نجد أن بعضهم أجاز سفر المرأة بغير محرم مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم: " يوشك أن تخرج الظعينة من الحيرة تقدم البيت لا زوج معها "، وهذا الحديث إنما سيق فيه ما سيق مدحاً لظهور الإسلام وانتشار الأمان في الأرض، ولم يسق لموضوع السفر ونحوه، وهو حكاية للواقع الذي يجري ولا يلزم إقرار النبي صلى الله عليه وسلم له أو محبته ورضاه به، مثل ما أخبر به من أحاديث الفتن والهرج والقتل ونحو ذلك.

خامساً / تعميم قاعدة عموم البلوى في التخفيف:

وعموم البلوى هو شيوع البلاء بحيث يصعب على المرء التخلص منه والابتعاد عنه، إلا أنه ليس كل ما عمت به البلوى يجلب التيسير والتخفيف، فهناك شروط وضوابط لاعتبار عموم البلوى سبباً للتيسير وهي:

1 - أن يكون عموم البلوى متحققا لا متوهما، بحيث يعسر الاحتراز منه ويكون وقوعه عاما لجميع المكلفين وشاملا لهم.

2 - أن يكون عموم البلوى من طبيعة الشيء وحاله، لا أن يكون ناشئاً من تساهل المكلف في التلبس بذلك الشيء.

3 - أن لا يدخل المكلف في الحادثة التي تعمّ بها البلوى بقصد حصول الرخصة.

4 - أن يكون الترخص في حال عموم البلوى مقيدا بتلك الحال، ويزول بزوالها.

سادساً / جعل الخلاف دليلاً:

فقد اتخذ كثير من دعاة منهج التيسير المعاصر من الخلاف توسعة على الناس، بمعنى أنه يسع كل واحد أن يأخذ بما شاء من الأقوال، وأصبحنا نسمع ونقرأ بكثرة: (المسألة فيها خلاف فلا حرج عليك). وهذا غير صحيح فالخلاف يعد توسعة في مجال الاجتهاد ووجوده يدل على أن الأمر معروض للنقاش والترجيح لا على أن الناس لهم أن يأخذوا بقول أي واحد منهم وإن لم يكن الحق عنده.

والمتخيّر بين الأقوال المختلفة بمجرد موافقة الغرض الذي في نفسه لا يخلو من ثلاث حالات:

1 - إما أن يكون حاكماً بهذا القول، فلا يصح اختياره على الإطلاق؛ لأنه إن كان متخيرا بلا دليل فلا حق لأحد الخصمين على التالي، لأن هذا لن يخلو من الحيف على الطرف الثاني.

2 - وإما أن يكون مفتيا به، فهذا قد أفتى في النازلة بالإباحة وإطلاق العنان، وهو قول ثالث خارج عن القولين، وهذا لا يجوز له إن لم يبلغ درجة الاجتهاد باتفاق.

3 - وإما أن يكون عاميا، فهو قد استند إلى شهوته وهواه، وإتباع الهوى عين مخالفة الشرع.

??????????

أسباب ظهور منهج التيسير المعاصر

والأسباب الداعية لظهور هذا المنهج كثير متعددة، نكتفي هنا بذكر بعض منها:

أولاً / الجهل بأحكام الشريعة ومقاصدها:

وهذا السبب يدور حول ثلاث محاور:

1 - الجهل بالنصوص الشرعية: فتجد البعض يفتي – تيسيراً للناس – بما يناقض أحاديث الصحيحين أو أحدهما مناقضة صريحة، ومن ذلك قول الشيخ الغزالي رحمه الله: (وأوصي الدعاة الذين يذهبون إلى كوريا ألا يفتوا بتحريم لحم الكلاب، فالقوم يأكلونها، وليس عندنا دليل يفيد الحرمة)، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " كل ذي ناب من السباع فأكله حرام "، قال العلماء: (يدخل في هذا الأسد والنمر والفهد والذئب والكلب).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير