تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[موقف المورسكيين الأندلسيين من لحم الخنزير]

ـ[هشام زليم]ــــــــ[29 - 06 - 08, 05:48 م]ـ

قال تعالى: (إنما حرم عليكم الميتة و لحم الخنزير و ما أهل به لغير الله). البقرة /173

قال تعالى: (حرمت عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهل لغير الله به و المنخنقة و الموقوذة و النطيحة و ما أكل السبع إلا ما ذكيتم).المائدة 3

و قوله تعالى (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير، فإنه رجس) الأنعام ـ 145

و قوله عز و جل: (إما حرم عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهل لغير الله به ن فمن اضطر غير باغ و لا عاد فإن الله غفور رحيم). النحل 115.

هذه الأيات القرأنية كلها تأمر المسلم بتجنب أكل لحم الخنزيروقد أصبحت صفة عدم أكل لحم الخنزير صفة ملازمة للمسلم و ذلك بفضل توفيق الله لهم ثم بفضل امثتالهم لأوامره و إعطائها كل الأهمية التي تتطلبها دون استهتار أو تجاهل أو تأويل.

لكن كيف هو حال المورسكيين الأندلسيين مع هذا الأمر الرباني؟

كيف قاوم هؤلاء المغلوبون على أمرهم بعد سقوط دولة الإسلام بالادنلس, كيف قاوموا مظاهر العيش كنصارى و القيود المفروضة عليهم و التي تجبرهم على أكل لحم الخنزير و شرب الخمرإلى غير ذلك من الأشياء المحرمة على المسلم.

نعم لقد قاوموا كل ما يتعارض مع دينهم الإسلامي رغم إجبارهم على خلغه لصالح اعتناق الكاثوليكية المسيحية و قد سطروا في هذا الباب تضحيات أغفلها الإسبان و تجاهلها المسلمون.

و من مظاهر محافظتهم على الإسلام تجنب أكلهم لحم الخنزير بل و تجنب استعمال حتى ما قد يكون مرتبطا به من سكين إلى غير ذلك. أما إذا قدر الله و أكل أحدهم عن جهل لحم الخنزير وعلم بعد ذلك أنه لحم خنزير فزيادة في ورعه و احترامه لتعاليم ربه يضع أصبعه في فمه و يتقيأ كل ما أكله.

و قد عمل المورسكيون رغم المحنة على تمرير تعاليم الإسلام لأبنائهم و حرصوا على

تربيتهم بعيدا عن تعاليم النصارى.

و من أجل توثيق ما سردته أعلاه أنقل لكم فيما يلي بعض الشهادات التاريخية الإسبانية التي تبين التزام الأندلسيين المورسكيين بتعاليم الإسلام و من بينها تجنب أكل لحم الخنزير. و هذه الشهادات استقتها من كتاب "المورسكيون الأندلسيون و المسيحيون: المجابهة الجدلية" للفرنسي لويس كاردياك ترجمة عبد الجليل التميمي. و هو كتاب يتوفر على وثائق من الأرشيف الإسباني المتعلق بحياة المورسكيين قبل طردهم سنة 1609م.

يقول لوي كاردياك:

"إن حالة فالا نوناز مهمة جدا لأنها سمحت لنا بشرح هذين المظهرين, كان هذا الشخص يعيش في هوركاجو سنة 1550, عندما أوقف من طرف دواوين التحقيق. ففي شبابه الذي قضاه بأفيلا علموه أنه وجب عليه أن يمتنع عن شرب الخمر و أكل لحم الخنزير:" و أنه سيذهب إلى جهنم, وهذا ما اعتقده و أنه بسبب ذلك قد امتنع منذ ذلك اليوم, عن أكل لحم الخنزير, و قد صرح الأن بنذر ذلك إلى الشيطان, و هو يجد طعم الخمر مرا, شأنها شأن المرارة". أما الأن فقد أنجب أطفالا و سوف يحترم نتيجة لذلك التقاليد:" و كان يشم فم أبنائه ليعرف هل أكلوا لحم الخنزير و شربوا الخمر, و إذا ما أحس بشيئ من ذلك كان ينهر أبناءه و يستفسرهم عن سبب أكلهم لحم الخنزير و يخبرهم أن أجدادهم لم يأكلوه على الإطلاق". (الأرشيف التاريخي الوطني الإسباني-الملف198 - رقم15)

و قد ذهب بهم هذا الحرص الديني بعيدا: فإيزابال لاقوردا قد دعيت من طرف مسيحية لتناول طعام معها, وقد قدمت لها أكلا التهمته بشهية, إلا "أنه بعد أن تناولنا الغذاء, و جاء الحديث بأن المشوي الذي قدم لها, كان لحم خنزير, وضعت إيزابيل لا قوردا أصابعها في فمها و تقيأت كل ما أكلته" (الأرشيف التاريخي الوطني الأسباني- الملف193 - الرقم4.)

هذا الإلتزام كان يشعر به على أنه أمر و هذا إلى درجة إثارة اشمئزاز و تقزز جسمي: فجوان هرادو بالقالة قد رفض الأكل في صحون بها لحم الخنزير و امتنع أن يستعمل سكينا بحجة أنه استعمل لذبح الخنزير. و لهذا السبب كان يقطع كل ما وجب أكله بأصابعه". (الأرشيف الوطني التاريخي الإسباني-الملف 194 - رقم2)

و نفس هذا الأمر لمورسكية من كاطالانيا التي حضرت ذبح أحد الخنازير عند جزار القرية, فصاحت:"أنها لا تاكل لحم الخنزير حتى و لو توجوها ملكة" ( Ignacio Bauer y Landauer; Relaciones y manuscritos moriscos. Madrid. p60).

إن عدم أكل لحم الخنزيرأصبح إذن علامة على عقيدة الإسلام, وجوان الماريك كان لا يأكل شحم الخنزير و لا لحمه و لا المأكل التي تستعمل به, وهذا احتراما لأوامر دين محمد". و بعد إجراء تحقيق, سوف يكتشف أنه مارس " كثيرا من مظاهر دين محمد" (الأرشيف التاريخي الوطني الإسباني- الملف191 - الرقم 7)

كذلك هناك عدد من الشخصيات تتظاهر بشراء لحم الخنزير لأكله, في حين أنها تكتفي بإعطائه لكلابها: "كثير منهم يتظاهرون بشرائه, إلا أنهم لا يأكلونه, وعلى الخصوص كانت النساء المورسكيات, لا يرغبن في أي حال من الأحوال, اقتناءه" ( Ignacio Bauer p60).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير