تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فاقبلوا حتى انتهوا إلى حصنه فقدموا أبا نائلة فجاءة فتحدث معه ساعة وتناشدا الشعر، وكان أبو نائلة يقول الشعر ثم قال: ويحك يابن الأشرف إني قد جئتك لحاجة اريد ذكرها لك فاكتم علي، قال: أفعل، قال: كان قدوم هذا الرجل بلادنا بلاءً، عادتنا العرب ورمونا عن قوس واحدة، وانقطعت عنا السبل حتى ضاعت العيال وجهدت الأنفس، فقال كعب: انا ابن الأشرف أما والله لقد كنت أخبرتك يا بن سلامة أن الأمر سيصير إلى هذا، فقال أبو نائلة:/ إن معي أصحاباً أردنا أن تبيعنا طعامك ونرهنك ونوثق لك وتحسن في ذلك، قال: أترهنوني أبناءكم، قال: إنا نستحي أن يعير أبناؤنا فيقال هذا رهينة وسق، وهذا رهينة وسقين، قال: ترهنوني نساءكم، قالوا: كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب ولا نأمنك، وأية امرأة تمتنع منك لجمالك؟ ولكنا نرهنك الحلقة، يعني: السلاح، وقد علمت حاجتنا إلى السلاح، قال: نعم، وأراد أبو نائلة أن لا ينكر السلاح إذا رآه فوعده أن يأتيه فرجع أبو نائلة إلى أصحابه فاخبرهم خبره.

فأقبلوا حتى انتهوا إلى حصنه ليلاً، فهتف به أبو نائلة وكان حديث عهد بعرس فوثب من ملحفته، فقالت امرأته:أسمع صوتاً يقطر منه الدم، وإنك رجل محارب، وإن صاحب الحرب لا ينزل في مثل هذه الساعة فكلمهم من فوق الحصن، فقال: إنما هو أخي محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة وإن هؤلاء لو وجدوني نائماً ما أيقظوني، وإن الكريم إذا دعي إلى طعنة بليل أجاب، فنزل إليهم فتحدث معهم ساعة ثم قالوا: يا بن الأشرف هل لك إلى أن نتماشى إلى شعب العجوز نتحدث فيه بقية ليلتنا هذه؟ قال: إن شئتم؟ فخرجوا يتماشون، وكان أبو نائلة قال: لأصحابه إني فاتل شعره فاشمه فإذا رأيتموني إستمكنت من رأسه فدونكم فاضربوه، ثم إنه شام يده في فود رأسه ثم شم يده، فقال: ما رأيت كالليلة طيب عروس قط، قال: إنه طيب ام فلان يعني امرأته، ثم مشى ساعة ثم عاد لمثلها حتى اطمأن ثم مشى ساعة فعاد لمثلها ثم أخذ بفودي رأسه حتى استمكن ثم قال: اضربوا عدو لله فاختلفت عليه أسيافهم فلم تغن شيئاً، قال محمد بن مسلمة فذكرت مغولاً في سيفي فأخذته، وقد صاح عدو الله صيحةً لم يبق حولنا حصن إلا أوقدت عليه نار، قال فوضعته في ثندوته ثم تحاملت عليه حتى بلغت عانته، ووقع عدو الله، وقد أصيب الحارث بن أوس بجرح في رأسه أصابه بعض أسيافنا، فخرجنا وقد أبطأ علينا صاحبنا الحرث ونزفه الدم، فوقفنا له ساعة ثم اتانا يتبع آثارنا فاحتملناه فجئنا به رسول الله آخر الليل وهو قائم يصلي فسلمنا عليه فخرج إلينا فأخبرناه بقتل كعب وجئنا برأسه إليه، وتفل على جرح صاحبنا.

فرجعنا إلى أهلنا فأصبحنا وقد خافت يهود وقعتنا بعدو الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه فوثب محيصة بن مسعود على سنينة رجل من تجار اليهود كان يلابسهم ويبايعهم فقتله، وكان حويصة بن مسعود إذ ذاك لم يسلم وكان أسن من محيصة فلما قتله، جعل حويصة يضربه ويقول: أي عدو الله قتلته أما والله لرب شحم في بطنك من ماله.

قال محيصة: والله لو أمرني بقتلك من أمرني بقتله لضربت عنقك، قال: لو أمرك محمد بقتلي لقتلتني؟ قال: نعم، قال والله إن ديناً بلغ بك هذا لعجب؟ فأسلم حويصة.

5) عبد الله بن أنيس وقتله خالد بن سفيان:

روى أبو داود والبيهقي وأبو نعيم وموسى بن عقبة أن سبب ذلك أنه عليه الصلاة والسلام بلغه أن سفيان المذكور قد جمع الجموع لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث عبد الله بن أنيس رضي الله عنه ليقتله فقال صفه لي يا رسول الله فقال إذا رايته هبته وفرقت أي خفت منه وذكرت الشيطان فقال عبد الله يا رسول الله ما فرقت من شيء قط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بلى إنك تجد له قشعريرة إذا رأيته فقال عبد الله فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول أي ما أتوصل به إليه من الحيلة فأذن لي أي قال لي قل ما بدا لك أي وقال انتسب الى خزاعة قال عبد الله بن أنيس فسرت حتى إذا كنت ببطن عرنة وهو واد بقرب عرفة لقيته يمشي أي متوكئا على عصا يهد الأرض ووراءه الأحابيش أي اخلاط الناس ممن انضم إليه فعرفته بنعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأني هبته وكنت لا أهاب الرجال فقلت صدق الله ورسوله أي وكان وقت العصر فخشيت أن يكون بينى وبينه محاولة يشغلنى عن الصلاة فصليت وأنا أمشى نحوه أومىء برأسي فلما انتهيت إليه قال لي من الرجل فقلت رجل من خزاعة سمعت بجمعك لمحمد فجئت لأكون معك قال أجل إني لأجمع له فمشيت معه ساعة وحدثته فاستحلى حديثي أي وكان فيما حدثته به أن قلت له عجبت لما أحدث محمد من هذا الدين المحدث فارق الآباء وسفه أحلامهم فقال لي إنه لم يلق أحد يشبهني ولا يحسن قتاله فلما انتهى الى خبائة وتفرق عنه صحابه قال لي يا أخا خزاعة هلم فدنوت منه فقال اجلس فجلست معه حتى إذا هدأ الناس وناموا اغتررته فقتلته وأخذت رأسه ثم دخلت غارا في الجبل وصيرت العنكبوت أى نسجت على وجاء الطلب فلم يجدوا شيئا فانصرفوا راجعين ثم خرجت فكنت أسير الليل أتوارى النهار حتى قدمت المدينة فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فلما رآني قال قد أفلح الوجه قلت أفلح وجهك يا رسول الله فوضعت رأسه بين يديه وأخبرته خبري فدفع لي عصا وقال تحضر بهذه في الجنة أي توكأ عليها فإن المتخصرين في الجنة قليل.

م ن ق و ل

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير