[ثلاث ضمانات من العذاب]
ـ[أبو محمد الزياني]ــــــــ[30 - 06 - 08, 08:37 م]ـ
[ثلاث ضمانات من العذاب]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،
في هذه الأزمنة المتأخرة كثر الخبث وارتفع، وصار المؤمن يحزن لحال أمته، ويخاف نزول العذاب، بل يخاف أن ينزل قريباً منه، أو بساحته، بل يخاف أن يكون هو سببٌ في حصول العذاب.
عن أي عذاب نتحدث؟
أنه عذاب الله العزيز ذي الانتقام الذي يغار على محارمه، ولا أحد أغيرُ من الله كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.
كم نرى من الدول والبلدان المحيطة من حولنا وما جرى لهم من أيام الله!
كم هي الدول الإسلامية التي مُكِر بأهلها وقٌتِّلوا وشرِّدوا وطوردوا!
هل ننتظر أن يحيق بنا ما حلَّ بغيرنا!؟
إن ما أخافه هو قريب قريب وهذه سنة الله في الأرض إنها سنة كونية لا تتخلف، وقدر ماضٍ لا يرد، كيف لا يحصل ما أُوعِدْنا به وقد كثر الخبث، وصار له أنظمة تحميه - وزعموا أنها إسلامية -، ومؤسسات تقوم برعايته ونشره، وأهل فكر ومكر يُرَقِّعون ويوقعون ويجيزون.
وقال الله عز وجل في سورة الإسراء {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15) وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (17)}
وقالت زينب بنت جحش رضي الله عنها: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال صلى الله عليه وسلم: (نعم إذا كثر الخبث). أخرجه البخاري (3097)، ومسلم (5128).
وأرى انطباق هذه الآيات على كثير من الأوضاع في ديار المسلمين قال الله عز وجل في سورة المائدة: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81)}
فترى صوراً من الصمت عن المنكرات، وصوراً كثيرة أيضاً من مولاة الكفار، وصوراً من التبرير سمجة والله المستعان.
اللهم إن أردت بعبادك فتنةً فتوفنا غير مفتونين، اللهم أحيِنا ما كانت الحياةُ خيراً لنا وتوفنا إذا كانت الوفاة خيراً لنا.
وهنا أريد أن أذكر ثلاث ضمانات من العذاب، هي تمنع بإذن الله من وقوع عذاب الله برحمة من الله.
الضمان الأول: هو وجود شخص الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل: {وما كان الله معذِّبَهم وأنت فيهم}، وذلك كرامة لهذا النبي الرحيم بأمته، ولذلك فقد كرّم الله صحابته رضي عنهم وأرضاهم فكانوا هم أمَنَةً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث (النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون)، أخرجه مسلم.
وهذا الضمان لا نعيش في وقته وقد مضى، نسأل الله أن يحشرنا معهم وأن يقرّ أعيننا برؤيتهم.
الضمان الثاني:وجود الناصحين الذين يَصْلُحون إذا فسد الناس ويُصلِحون ما أفسد الناس وهم الغرباء فطوبى للغرباء قال الله عز وجل {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (هود:117)}، ولم يقل صالحون، فلا بد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فوجود الناصحين الآمرين الناهين مانع من موانع العذاب.
فحريٌ بنا أخوتي أن نتعاون على البر والتقوى، وننصح لأنفسنا وأمتنا، عسى الله أن يفرج عنا ما نحن فيه من الذل والهوان، ويوفِّقْنا لأسباب النصر إنه ولي ذلك والقادر عليه.
¥