تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2. أخرج ابن ماجه في سننه عن أنس بن مالك قال: ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة وإن أمتي ستفترق على ثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة)). وفي رواية أخرى: قالوا وما هي يا رسول الله قال: ((ما كنت عليه أنا وأصحابي)). وهذا الحديث حسن لغيره فله شواهد كثيرة: فقد رواه جماعة من الصحابة منهم أبو هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان و عوف بن مالك وغيرهم من صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام.

وهو مخرج في كثير من كتب السنة والمسانيد ولا ينكره إلا مبتدع أو جاهل، وفيه دلالة واضحة على ظهور فرق الضلال والإبتداع والأمر كما أخبر عليه الصلاة والسلام فقد ظهرت فرق كثيرة بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام كالخوارج الذين يكفرون بالكبيرة ويستحلون أموال ودماء الأمة وظهرت غيرها من الفرق الأخرى كالقدرية والمرجئة والمعتزلة والجهمية والصوفية والشيعة والزنادقة والباطنية وغيرها من فرق الضلال نسأل السلامة والعافية.

3. وأخرج الشيخان عن حذيفة بن اليمان أنه قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني. فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: ((نعم)). قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: ((نعم وفيه دخن)). قلت: وما دخنه؟ قال: ((قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر)). قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: ((نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها)). قلت: يا رسول الله صفهم لنا. قال: ((هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا)). قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك. قال: ((تلزم جماعة المسلمين وإمامهم)). قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام. قال: ((فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)).

قال الحافظ في الفتح 13/ 36 .. قال عياض: المراد بالشر الأول الفتن التي وقعت بعد عثمان، والمراد بالخير الذي بعده ما وقع في خلافة عمر بن عبد العزيز، والمراد بالذين تعرف منهم وتنكر الأمراء بعدهم فكان فيهم من يتمسك بالسنة والعدل وفيهم من يدعو إلى البدعة ويعمل بالجور.

قلت: والذي يظهر أن المراد بالشر الأول ما أشار إليه من الفتن الأولى، وبالخير ما وقع من الاجتماع مع علي ومعاوية، وبالدخن ما كان في زمنهما من بعض الأمراء كزياد بالعراق وخلاف من خالف عليه من الخوارج وبالدعاة على أبواب جهنم من قام في طلب الملك من الخوارج وغيرهم والى ذلك الإشارة بقوله: ((الزم جماعة المسلمين وإمامهم)) يعني ولو جار ويوضح ذلك رواية أبي الأسود: ((ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك)). وكان مثل ذلك كثيرا في إمارة الحجاج ونحوه أ. هـ

قلت: ومن الدعاة اليوم على أبواب جهنم العلمانيون وما شاكلهم من دعاة الأفكار والأحزاب السياسية الهدامة وكذا الدعوات السياسية المسماة اليوم بالجماعات الإسلامية كدعاة الإخوان المسلمين ودعاة الدعوة القطبية السرورية فإنهم كلهم ممن قام وطلب الملك إما بانقلاب على حكام المسلمين أو بالمشاركات الحزبية السياسية ذات الوصف التعددي الديمقراطي اليهودي دون النظر في واقع الأدلة الشرعية وواقع المصالح المرسلة حتى أوقعوا أمة الإسلام في المهالك وأضروا الأمة وشبابها ودعاتها وعلماءها إيما إضرار باسم الإسلام والدعوة إلى الخلافة الراشدة فما أشبه دعوتهم بفتنة ابن الأشعث ذلك الذي سانده معه جماعة من العلماء الأكابر كالحسن البصري ومالك بن دينار ومسلم بن يسار وسعد وكانوا يأمرون بقتال الحجاج مع ابن الأشعث فلما حمي الوطيس وسقط الألاف من القتلى وأصيب المسلمون بالذعر والمحن والقلاقل وتناسوا وقوفهم وجهادهم ضد أهل الكفر بسبب هذه الفتنة الدهماء بعد ذلك كله ونحوه شعر أولئك الأعلام بالخطأ وخطر الخروج على والي المسلمين الحجاج بن يوسف وأمير المؤمنين عبد الملك بن مروان واستغفروا الله من ذلك كله فإين قراء التاريخ والمعتبرون من هذه الفتنة ونحوها فما أشبة الليلة بالبارحة سوء وعدواناً وجهالة إلا من رحم الله.

فرحم الله أئمتنا فهم القوم لا يصرون على الخطأ بل يتوقفون حيث توقف بهم الشرع الحنيف.

والحاصل في هذا الباب: فكل من رفض أصلاً من أصول أهل السنة المتفق عليها بعد قيام الحجة عليه عُدَّ من أهل الضلال والأهواء وخرج عن دائرة السنة، ومنهم من خروجه ما يكون خروجاً عن الملة متى تبين كفره جلياً - لنا عليه من الله برهان - ومنهم ما يكون خروجاً عن السنة مع بقاء مسمى الدين.

والإخوان المسلمون والقطبيون يخالفون أهل السنة والجماعة في كثير من الأصول ومنها رفضهم بيعة ولي أمر المسلمين ودعوتهم الأمة إلى الخروج على الوالي المسلم الظالم ونحوها من أصول أهل السنة المتفق عليها وشبه المتفق عليها رغم إقامة الحجة عليهم وبيان الحق والعدل في ذلك كله نسأل الله السلامة والعافية.

لقد صدق رسولنا عليه الصلاة والسلام فقد أخبر عن ظهور طوائف البغي والضلال فكان الأمر كما أخبر دون ريبة أو شك ولو تتبعنا تلكم الأخبار لوجدناها كثيرة لا يتسع المقام لبسطها كلها وخصوصاً في ورقات كهذه فالسنن السنن فإنها قوام الدين ولا يتخاذل عنها إلا من أضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون.

- تمت الحلقة الثانية ويليها الحلقة الثالثة بمشيئة الله -

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير