تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وذكر الحافظ في " فتح الباري " أن الخلاف في تحديد وقته يزيد على عشرة أقوال!! منها أنه وقع في رمضان، أو في شوال، أو في رجب، أو في ربيع الأول أو في ربيع الآخر.

وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية أن ليلة الإسراء والمعراج لم يقم دليل معلوم على تحديد شهرها أو عشرها – أي في العشر التي وقعت فيه – أو عينها، يعنى نفس الليلة. أهـ.

وخلاصة أقوال المحققين من العلماء أنها ليلة عظيمة القدر مجهولة العين!!

ولتبسيط هذه المسألة وتسيرها نقول:

بعض العبادات تتعلق بوقت معلوم لا نتعداه ولا نتخطاه كالصلاة المكتوبة {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا} [النساء: 103].

و بعض العبادات أخفى الله وقتها عنا و أمرنا بالتماسها ليتنافس المتنافسون ويجتهد المجتهدون؛ كليلة القدر في ليالي الوتر في العشر الأواخر من رمضان. وكذلك ساعة الإجابة في يوم الجمعة.

و هناك أوقات جليلة القدر عند الله، وليس لها عبادة مشروعة لا صلاة ولا صوم ولا غيرهما، ولذلك أخفى الله علمها عن عباده؛ كليلة الإسراء.

هذا، وقد جمع المشرف العام على مجلة الجندي المسلم سعادة اللواء د / فيصل بن جعفر بالى مدير الشئون الدينية للقوات المسلحة بالمملكة العربية السعودية جميع البدع التي تقع قديماً وحديثاً في شهر رجب، فقال: (الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد:

فإن الشهور و الأيام تتفاضل كما يتفاضل الناس، فرمضان أفضل الشهور ويوم الجمعة أفضل الأيام، وليلة القدر أفضل الليالي.

والميزان في إثبات أفضلية شهر أو يوم أو ليلة أو ساعة شرع الله تعالى، فما ثبت في الكتاب أو السنة الصحيحة أن له فضلاً أثبت له بعد ذلك الفضل، وما لم يرد فيهما أو ورد فيه أحاديث ضعيفة أو موضوعة فلا يعترف به ولا يميز على غيره.

ومن الأشهر المحرمة الذي ثبتت حرمته بالكتاب والسنة شهر رجب المحرم، ولكب طاب لبعض المبتدعة أن يزيدوا على ما جعله الشارع له من مزية باختراع عبادات واحتفالات ما انزل الله بها من سلطان، مضاهاة لأهل الجاهلية، حيث كانوا يفعلون كثيراً منها فيه، ومن هذه الضلالات:

1 - ذبح ذبيحة يسمونها (العتيرة)، وقد كان أهل الجاهلية يذبحونها فأبطل الإسلام ذلك، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا عتيرة في الإسلام ". [أخرجه أحمد (2/ 229)].

قال أبو عبيدة: العتيرة هي الرجبية ذبيحة كانوا يذبحونها في الجاهلية في رجب يتقربون بها لأصنامهم. [فتح الباري لابن حجر (9/ 512)].

وقال ابن رجب: ويشبه الذبح في رجب اتخاذه موسماً وعيداً كأكل الحلو ونحوها. [لطائف المعارف (227)].

2 - اعتقاد أن ليلة السابع و عشرين من رجب هي ليلة الإسراء والمعراج، مما أدى إلى عمل احتفالات عظيمة بهذه المناسبة، وهذا باطل من وجهين:

أ - عدم ثبوت وقوع الإسراء والمعراج في تلك الليلة المزعومة، بل الخلاف بين المؤرخين كبير في السنة والشهر الذي وقع، فكيف بذات الليلة.

ب - أنه لو ثبت وقوع الإسراء والمعراج كان في تلك الليلة بعينها لما جاز إحداث أعمال لم يشرعها الله ولا رسوله، ولا شك أن الاحتفال بها من المحدثات في الدين، فكيف إذا انضم إلى ذلك أوراد و أذكار مبتدعة، وفى بعضها شركيات وتوسل واستغاثة بالني صلى الله عليه وسلم مما لا يجوز صرفه إلا لله تعالى.

3 - اختراع صلاة في أول ليلة جمعة من رجب يسمونها صلاة الرغائب ووضعوا فيها أحاديث لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم وهى صلاة باطلة مبتدعة عند جمهور العلماء.

4 - تخصيص أيام من رجب بالصيام، وقد ثبت أن عمر رضي الله عنه، كان يضرب أكف الرجال في صوم رجب حتى يضعوها في الطعام، ويقول: ما رجب؟ إن رجباً كان يعظمه أهل الجاهلية، فلما كان الإسلام ترك. [مصنف ابن أبى شيبة (2/ 345)].

5 - تخصيص رجب بالصدقة لاعتقاد فضله، والصدقة مشروعة في كل وقت، واعتقاد فضيلتها في رجب بذاته اعتقاد خاطئ.

6 - تخصيص رجب بعمرة يسمونها (العمرة الرجبية)، والعمرة مشروعة في أيام العام كلها، والممنوع تخصيص رجب بعمرة واعتقاد فضلها فيه على غيره.

وكل ما سبق من بدع وضلالات مبنى على اعتقاد خاطئ و أحاديث ضعيفة وموضوعة في فضل رجب، كما بين الحافظ ابن حجر، رحمه الله تعالى. [" تبيين العجب بما ورد في فضل رجب " (23)].

وحرى بالمسلم أن يتبع ولا يبتدع؛ إذ محبة الله تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم تنال بالإتباع لا بالابتداع: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 31، 32]. اهـ.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد و آله وصحبه وسلم.

ــــــــــــــــــــــــــــ

* نقلاً عن كتاب مصابيح أضاءت لنا الطريق للشيخ رحمه الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير