تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - ثم إنك تنكر على ذلك الطالب المسلم عدم ذهابه للنادي الليلي، وعدم استمتاعه معكم، ونحن نسألك: هل لهذه المتعة حدود أم هي مطلقة لا حدَّ لها؟ ولنكن صرحاء معك أكثر، هل ترضى أن تكون عشيقتك من الطالبات هي عشيقة لغيرك من الطلاب أو المدرسين؟! وهل ترضى أن يستمتع بها غيرك كما تستمتع بها أنت؟ إننا على علم بكثرة جرائم القتل التي تحصل في الثانويات والمعاهد جراء مثل هذه الأفعال، ولست بحاجة لأن تجيبنا؛ لأننا رأينا وسمعنا وقرأنا عن حوادث شجار وصل كثير منها إلى القتل، وكل ذلك بسبب التنافس على قلب طالبة، أليس كذلك؟ فأين المتعة الذي تنادي بها إذاً؟ ولم تحرمونها على الطلاب أو المدرسين الذين يرغبون بالاستمتاع بالطالبة نفسها، وقد تكون هذه هي رغبتها أصلاً؟.

وإذا خالفتَ الفطرة، والواقع الذي تعيشه، ورضيتَ بأن يستمتع معك طلاب آخرون بطالبة واحدة تعشقها وتعلق قلبك بها: فهل ترضى الأمر نفسه أن يحصل مع زوجتك؟! ونأمل أن لا تغضب لهذا السؤال، فإنما أردنا أن نبين لك أن هناك تناقضاً في واقع مجتمعاتكم حيث تدعون للمتعة، ثم تقيدونها بأشياء تتعلق بنفوسكم وأهوائكم، وإذا امتنع عنها المسلم بسبب دينه كان محط سخرية وانتقاد، ثم إن هذا السؤال له أصل في ديننا! أتعرف كيف ذاك؟ جاء شاب عند نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يستأذنه في " الزنى "! نعم، يستأذنه في أن يزني ببنات الناس ونسائهم، أتدري ماذا قال له نبينا صلى الله عليه وسلم؟ قال له: أترضاه لأمك؟ أترضاه لأختك؟ أترضاه لابنتك؟ وفي كل مرة كان الشاب جيب بالنفي، وأنه لا يرضى أن يزني أحد بأمه، أو بأخته، أو بابنته، وفي كل مرَّة كان يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: وكذلك الناس لا يرضون لأمهاتهم وأخواتهم وبناتهم، فدعا له النبي صلى الله وسلم، وخرج من عنده والزنى أبغض الأفعال إلى قلبه.

وأنت تدعو هذا المسلم ليستمتع، ونحن سألنا سؤالا منطقيا أترضى أن يستمتع بعشيقتك التي تحبها؟ أترضى أن يستمتع بزوجتك؟ أترضى أن يستمتع بابنتك؟ نحن نعتقد جازمين أن ما يحصل من حوادث قتل لزوجات خائنات إنما هو بسبب الفطرة التي خلق الله الناس عليها، والتي يأبى أصحابها ذلك وينكرونه أشد الإنكار، ولو أدى به الأمر لقتلها، أو لقتلها وعشيقها، حتى لو كان نهاية الأمر سجن مؤبد، أو إعدام، والعشيقة الخائنة ليست كالزوجة الخائنة قطعاً، ولكن حتى العشاق لا يرضون أن تكون عشيقاتهم مشاعاً للناس جميعاً.

3 - ثم إن الإسلام جاء بأحكام غاية في الإحكام والإتقان، وهي تصب في مصلحة الفرد، والمجتمع، والدولة، وعندما حرَّم الإسلام العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج إنما أراد أن تكون المجتمعات نظيفة في قلوبها، وأبدانها، ويكفي أن تعلم النسبة المهولة للأمراض الجنسية التي سببتها العلاقات الآثمة، والشاذة، والتي ينبغي أن لا يُختلف في تحريمها بين الأديان، فكم هم ضحايا " الإيدز "؟ وكم عدد الإصابات؟ وكيف يعيش من لم يمت منهم؟ إنها حياة مأساوية، وميتة بشعة شنيعة يرضاها لنفسه من يدفع حياته من أجل متعة دقائق! والإسلام جاء بما يحفظ على المسلم دينه، وقلبه، وبدنه، فامتنع المسلم عن فعل الحرام، ورضي بما حكم الله تعالى له به، وهو الخبير سبحانه بما يصلح الناس.

4 - واعلم أيها السائل أن الدنيا ليس فيها ما يُتحسر على فواته، وأن هذه الدنيا بالنسبة للمسلم سجنٌ! وجنته ومتعته الحقيقية إنما هي في الآخرة، وأما الكافر فجنته في الدنيا فقط، يلتذ ويستمتع ثم يصير مآله إلى هوان وخسارة.

وقد قال لنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: (الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ) رواه مسلم (2956).

وقد فسَّرها علماؤنا بقولهم:

معناه: أن كل مؤمن مسجون ممنوع في الدنيا من الشهوات المحرمة، والمكروهة، مكلَّف بفعل الطاعات الشاقة، فإذا مات: استراح من هذا، وانقلب إلى ما أعدَّ الله تعالى له من النعيم الدائم، والراحة الخالصة من النقصان.

وأما الكافر: فإنما له من ذلك ما حصل في الدنيا، مع قلته، وتكديره بالمنغصات، فإذا مات: صار إلى العذاب الدائم، وشقاء الأبد.

" شرح النووي " (18/ 93).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير