تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تحويل العالم كله إلى النصرانية! وكيف يطالبون ببناء الكنائس في بلاد المسلمين وهم يهجرون كنائسهم في بلادهم، وهؤلاء ممن ينطبق عليهم قول الله تعالى: إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون.

وبعد هذه المقدمة التي تتناول حال النصرانية في العالم وموقف أتباعها منها ومن ارتياد الكنائس نعود إلى الحديث عن الأحكام الشرعية التي تتناول ذلك الأمر.

الكنيسة تجمع على كنائس وهي مكان تَعبُّد أهل الكتاب اليهود والنصارى، وقد قسم أهل العلم البلاد بالنسبة لديانة من يسكنها إلى ثلاثة أقسام: حرم وحجاز وما عداهما.

فأما الحرم فهو مكة وما طاف بها من جوانبها، وحده من طريق المدينة دون التنعيم على ثلاثة أميال، ومن طريق العراق على سبعة أميال ومن طريق الجعرانة على تسعة أميال ومن طريق الطائف على عرفة من بطن نمرة على سبعة أميال ومن طريق جدة على عشرة أميال، فهذا حد ما جعله الله تعالى حرما لما اختص به من التحريم وباين بحكمه سائر البلاد، ويختص الحرم بعدة أحكام باين فيها سائر البلدان والذي يتعلق بموضوعنا من ذلك منع من خالف دين الإسلام من معاهد وذمي من دخوله لا مقيما فيه ولا مارا به وهذا قول جمهور أهل العلم ويدل له قوله تعالى: "إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا" وجوز أبو حنيفة دخولهم إليه إذا لم يستوطنوه، والآية دالة على عكس ذلك إذ هي منعت قربانهم من المسجد وليس من استيطانه فقط.

وأما الحجاز: فقد قال الأصمعي سمي حجازا لأنه حجز بين نجد وتهامة، وما سوى الحرم منه يختص بعدة أحكام، والذي يتعلق بموضوعنا منه أنه لا يستوطنه مشرك من ذمي ولا معاهد، وأجازه أبو حنيفة وهو محجوج بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلما" وقال صلى الله عليه وسلم في المرض الذي مات فيه: " أخرجوا المشركين من جزيرة العرب"

وقال: "قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، لا يبقين دينان بأرض العرب" وكان هذا آخر ما تكلم به، وأخرج البخاري في صحيحه: "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز" قال مالك في الموطأ: " قال ابن شهاب ففحص عن ذلك عمر بن الخطاب حتى أتاه الثلج واليقين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يجتمع دينان في جزيرة العرب، فأجلى يهود خيبر" وضرب لمن قدم من أهل الذمة تاجرا أو صانعا مقام ثلاثة أيام ويخرجون بعد انقضائها فجرى به العمل واستقر عليه الحكم فمنع أهل الذمة من استيطان الحجاز ولا يمكنون من دخوله ولا يقيم الواحد منهم في موضع منه أكثر من ثلاثة أيام

قال القرطبي: "وأما جزيرة العرب، وهي مكة والمدينة واليمامة واليمن ومخاليفها، فقال مالك: يخرج من هذه المواضع كل من كان على غير الإسلام، ولا يمنعون من التردد بها مسافرين، وكذلك قال الشافعي رحمه الله، غير أنه استثنى من ذلك اليمن، ويضرب لهم أجل ثلاثة أيام كما ضربه لهم عمر رضي الله عنه حين أجلاهم" قال النووي في شرح حديث أخرجوا المشركين من جزيرة العرب: "وأخذ بهذا الحديث مالك والشافعي وغيرهما من العلماء، فأوجبوا إخراج الكفار من جزيرة العرب، وقالوا: لا يجوز تمكينهم من سكناها، ولكن الشافعي خص هذا الحكم ببعض جزيرة العرب وهو الحجاز، وهو عنده مكة والمدينة واليمامة وأعمالها دون اليمن وغيره مما هو من جزيرة العرب بدليل آخر مشهور في كتبه وكتب أصحابه. قال العلماء: ولا يمنع الكفار من التردد مسافرين في الحجاز، ولا يمكنون من الإقامة فيه أكثر من ثلاثة أيام، قال الشافعي وموافقوه: إلا مكة وحرمها فلا يجوز تمكين كافر من دخوله بحال، فإن دخله في خفية وجب إخراجه، فإن مات ودفن فيه نبش وأخرج ما لم يتغير، هذا مذهب الشافعي وجماهير الفقهاء" قال ابن حجر: "الذي يمنع المشركون من سكناه منها (أي جزيرة العرب) الحجاز خاصة: وهو مكة والمدينة واليمامة وما والاها، لا فيما سوى ذلك مما يطلق عليه اسم جزيرة العرب، لاتفاق الجميع على أن اليمن لا يمنعون منها مع أنها من جملة جزيرة العرب، هذا مذهب الجمهور"

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير