تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أمصار المسلمين ثلاثة وقال: "ما مصره المسلمون كالكوفة والبصرة وبغداد وواسط، فلا يجوز فيها إحداث بيعة ولا كنيسة ولا مجتمع لصلاتهم ولا صومعة بإجماع أهل العلم، ولا يمكنون فيه من شرب الخمر واتخاذ الخنازير وضرب الناقوس" فذكر إجماع أهل العلم على أن الإحداث في أمصار المسلمين لا يجوز، ثم قال: "وثانيها ما فتحه المسلمون عنوة: فلا يجوز فيها إحداث شيء بالإجماع" فذكر الإجماع أيضا، وذكر اختلاف أهل العلم فيما يفعل في المعابد المقامة قبل الفتح واختار أن تجعل: "كنائسهم مساكن، ويمنع من صلاتهم فيها ولكن لا تهدم" ثم قال: "وثالثها ما فتح صلحا، فإن صالحهم على أن الأرض لهم والخراج لنا جاز إحداثهم، وإن صالحهم على أن الدار لنا ويؤدون الجزية فالحكم في الكنائس على ما يوقع عليه الصلح، فإن صالحهم على شرط تمكين الإحداث لا يمنعهم، إلا أن الأولى أن لا يصالحهم إلا على ما وقع عليه صلح عمر رضي الله عنه من عدم إحداث شيء منها" وفيها يبين جواز إحداثهم للمعابد لو وقع الصلح على ذلك لكنه يقول: إن الأولى أن لا يصالحهم على جواز الإحداث بل يصالحهم على عدم جواز إحداث شيء كما فعل عمر رضي الله عنه، ثم تحدث الشارح بتفصيل عن الكنائس التي وجدت في أمصار المسلمين بما يتضح فيه مذهب الحنفية بجلاء: كيف وجدت هذه الكنائس؟، فقال: "إنا رأينا كثيرا منها (الكنائس) توالت عليها أئمة وأزمان وهي باقية لم يأمر بهدمها إمام، فكان متوارثا من عهد الصحابة رضي الله عنهم، وعلى هذا لو مصَّرنا برية فيها دير أو كنيسة (قبل التمصير) فوقع في داخل السور ينبغي أن لا يهدم؛ لأنه كان مستحقا للأمان قبل وضع السور، فيحمل ما في جوف القاهرة من الكنائس على ذلك؛ لأنها كانت فضاء فأدار العبيديون عليها السور ثم فيها الآن كنائس، ويبعد من إمام تمكين الكفار من إحداثها جهارا في جوف المدن الإسلامية، فالظاهر أنها كانت في الضواحي فأدير السور عليها فأحاط بها، وعلى هذا فالكنائس الموجودة الآن في دار الإسلام غير جزيرة العرب كلها ينبغي أن لا تهدم؛ لأنها إن كانت في أمصار قديمة فلا شك أن الصحابة أو التابعين حين فتحوا المدينة علموا بها وبقوها، وبعد ذلك ينظر فإن كانت البلدة فتحت عنوة حكمنا بأنهم بقوها مساكن لا معابد، فلا تهدم ولكن يمنعون من الاجتماع فيها للتقرب، وإن عرف أنها فتحت صلحا حكمنا بأنهم أقروها معابد فلا يمنعون من ذلك فيها بل من الإظهار" أي لا يمنعون من الاجتماع فيها للتقرب ولكن يمنعون من إظهار ذلك.

ثم بين الشارح معنى قول أبي حنيفة فقال: "والمروي عن صاحب المذهب يعني أبا حنيفة رضي الله عنه كان في قرى الكوفة؛ لأن أكثر أهلها أهل ذمة، بخلاف قرى المسلمين اليوم، ولذا قال شمس الأئمة في شرحه في كتاب الإجارات: الأصح عندي أنهم يمنعون عن ذلك في السواد، وإن كان هو في السير الكبير قال: إن كانت قرية غالب أهلها أهل الذمة لا يمنعون، وأما القرية التي سكنها المسلمون اختلف المشايخ فيها على ما ذكرنا، فصار إطلاق منع الإحداث هو المختار فصدق تعميم القدوري منعها في دار الإسلام"، وفي حاشية رد المحتار كلام قوي جدا في الرد على من قال بجواز أحداث الكنائس في القرى قال: "لا يجوز إحداث كنيسة في القرى، ومن أفتى بالجواز فهو مخطئ، ويحجر عليه قوله: (ولو قرية في المختار) نقل تصحيحه في الفتح عن شرح شمس الأئمة السرخسي في الإجارات، ثم قال: إنه المختار، وفي الوهبانية: إنه الصحيح من المذهب الذي عليه المحققون، إلى أن قال: فقد علم أنه لا يحل الإفتاء بالإحداث في القرى لأحد من أهل زماننا بعدما ذكرنا من التصحيح، والاختيار للفتوى وأخذ عامة المشايخ، ولا يلتفت إلى فتوى من أفتى بما يخالف هذا، ولا يحل العمل به ولا الأخذ بفتواه، ويحجر عليه في الفتوى، ويمنع، لأن ذلك منه مجرد اتباع هوى النفس، وهو حرام، لأنه ليس له قوة الترجيح، لو كان الكلام مطلقا، فكيف مع وجود النقل بالترجيح والفتوى، فتنبه لذلك، والله الموفق"

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير