وقال النووي في المجموع (8/ 341): " قالوا – أي الشافعية – فإن كان الحج تطوعاً، لم يجز أن تخرج فيه إلا مع محرم، وكذا السفر المباح، كسفر الزيارة والتجارة، لا يجوز خروجها في شيء من ذلك إلا مع محرم أو زوج
ونقل عن الحافظ في الفتح (4/ 75): " وقال النووي: كل ما يُسمّى سفراً فالمرأة منهية عنه إلا بالمحرم.
أدلةُ تحريم سَفَرِ المرأةِ بلا مَحْرَم:
1/ عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً يكون ثلاثة أيام فصاعداً، إلا ومعها أبوها، أو ابنها، أو زوجها، أو أخوها، أو ذو محرم منها)) [مسلم: 1339].
2/ عن أبي هريرة رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر ميسرة يوم إلا مع ذي محرم)) [البخاري:] [مسلم: 1339].
3/ عن قَزَعة مولى زياد قال: سمعت أبا سعيد – وقد غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثنتى عشرة غزوة قال: ((أربع سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال يحدثهن عن النبي صلى الله عليه وسلم فأعجبتني وآنقنني: أن لا تسافر امرأة مسيرة يومين ليس معها زوجها أو ذو محرم، ولا صوم يومين: الفطر والأضحى، ولا صلاة بعد صلاتين بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجدي، ومسجد الأقصى)) [البخاري: 1864] [مسلم: 827].
عن ابن عمر رضي الله عنهما: " أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم)) [البخاري: 1036] [مسلم: 1338].
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل لامرأة مسلمة تسافر مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذو محرمة منها)). [مسلم: 1339].
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم))، فقال رجل: يا رسول الله إنّي أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا، وامرأة تريد الحج فقال: " اخرج معها)) [البخاري: 1862] [مسلم: 1341]
ولفظ مسلم: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: ((لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)) فقام رجل فقال يا رسول الله إنّ امرأتي خرجت حاجّة، وإنّي اكتتبت في غزوة كذا وكذا قال: ((انطلق فحج مع امرأتك)).
ومن جوز للمرأة السفر من غير محرم ليس معه أي دليل يُعتَدُّ به وليس ثمة إلا اجتهادات لا تُسلّم لقائليها، وناهيك عن مصادمتها لأدلة ونصوص صريحة في محلّ النزاع، فهذا كله خلاف الأدلة الصريحة، والحجج الظاهرة، ويترتب عليه مفاسد محققة، سيما في هذا الزمن الذي كثر فيه الفساق وانخرقت فيه الأخلاق!
فالمرأة – كما يقال لحم على وضم- وإذا علم فساق الرجال أنه ليس وراءها محرم يحميها ويذود عنها فإن أول ما تسول لهم أنفسهم كيف السبيل إلى الوصول إليها والاعتداء على شرفها، ولا تقول امرأة: أنا قادرة على حماية نفسي، فنقول لها:
أولا: سفرها بمحرم أمر تعبدي وامتثال لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
ثانيا: قوله هذا يكذبه الواقع، فكم من امرأة آنست من نفسها الثقة في حماية نفسها، غير أنها لم تصمد أمام إغراء فسقة الرجال حتى نالوا منها، فليس عبثا أن يوجب الشرع الحكيم على المرأة المحرم في السفر، فهذا ليس تضييقا عليها بل حماية لها وصونا لعرضها لأن شأن العرض وأمر الفروج قد أحاطته الشريعة الغراء بسياج قوي حماية للشرف والعرض.
أما مسألة هروبها بدينها إلى بلد تأمن فيها الفتنة في دينها، فإن العلماء- وبناء على نصوص الوحي- قالوا: إن المرأة إذا أسلمت في دار الكفر فلها أن تهاجر وحدها إلى دار الإسلام، فإن هذا لا ينطبق على الحالة التي أنت فيها، لأنك لا تعيشين في بيئة - إذ لم تمنعي من إقامة شعائر ديتك الأخرى كالصلاة والصيام والزكاة وغيرها،وما تلاقيه من مضايقات في لباسك الشرعي خاصة، فهذا من ضمن الابتلاء الذي لا يخلو منه مكان ولا ينجو منه مؤمن وفي التنزيل: الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ. وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ- -العنكبوت-
وأما إعالك لأبويك الكريمين فعند الله رزقهما، ولا يحملنك الخوف عليهما من أن تركبي ما حرم الله – كما هو شأن ضعيفي الإيمان، وأذكرك بقوله صلى الله عليه وسلم: (عن حذيفة رضي الله عنه قال قام النبي صلى الله عليه وسلم فدعا الناس فقال هلموا إلي فأقبلوا إليه فجلسوا فقال هذا رسول رب العالمين جبريل عليه السلام نفث في روعي أنه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها وإن أبطأ عليها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تأخذوه بمعصية الله فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته
رواه البزار، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب (1702):" ورواته ثقات إلا قدامة بن زائدة بن قدامة فإنه لا يحضرني فيه جرح ولا تعديل، وصححه في السلسلة الصحيحة (2866) وفي صحيح الجامع (2085)
وعليه
-والحالة هذه -فلا يجوز لك أن تسافري حتى تجدي محرما يسافر معك، واستعيني أختي الفاضلة بالصبر والصلاة فإنه من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب –والله الهادي إلى سواء السبيل.
¥