[البكاءون]
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[14 - 07 - 08, 04:09 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
[البكاءون]
في بيت أحدهم اجتمع الرجال السبعة، وأخذوا يتباحثون فيما بينهم هذا الموقف، الذي شغلهم جميعا كما شغل الناس جميعا، وتوحد موقفهم حياله بينما اختلفت مواقف الناس جميعا، وقال أحدهم: لقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بغزو الروم.
ماذا تقول يا رجل. .؟ أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يصرح بجبهة الغزو عادة.
فقال الذي أخبر: أنه قد بين الجهة هذه المرة للناس لبعد الشقة وشدة الزمان وكثرة العدو الذي يقصده وحتى يتأهب الناس لذلك.
فقال ثالث: " يا لها من فطنة هذه التي يتحلى بها النبي صلى الله عليه وسلم عندما صرح بذلك حتى يكون الناس على بينة فيقررون الذهاب للجهاد معه أو عدم الذهاب وهم كذلك على بينة خاصة ونحن في زمان من عسرة الناس وشدة من الحر، وجدب من البلاد وقد طابت الثمار أو أوشكت والناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم.
وأخذوا يتبادلون أحاديث غزو النبي صلى الله عليه وسلم للروم بتبوك ويذكرون بعد المسافة وقلة الزاد وموقف المنافقين المثبط للهمم والمشكك في النصر، ويذكرون كذلك تدافع الناس على النبي صلى الله عليه وسلم للاشتراك في السير معه كما يشيدون بمواقف أهل الغنى الذين أخذوا في تجهيز المجاهدين.
حتى قال أحد السبعة: لكن يا أصحابي!! ماذا سنفعل؟
لقد قال الله تعالى: {انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} التوبة /41، وأن الذهاب مع النبي صلى الله عليه وسلم لغزو الروم يحتاج منا إلى مال كثير لا نملك منه شيئا، كما يحتاج إلى ظهور تحملنا، وليس عندنا ما يحملنا مع المجاهدين.
وقال آخر: ولابد لنا إن شاء الله من الذهاب مع النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة البعيدة تنفيذا لأمر الله تعالى، ولا ينبغي أن يفوتنا الاشتراك فيها، فإن إحساسا يخامرني بأنني سوف أنال الشهادة في هذه الغزوة بإذن الله تعالى.
وقال ثالث: عندي اقتراح. .!!
فقال الجميع: ما هو. .؟
قال: فلنجمع ما نملكه نحن السبعة ونقتسمه بيننا حتى نتمكن به من شرف الذهاب مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغزو.
فأطرق الجميع رؤوسهم ووافقوا على هذا الاقتراح بصوت خفيض لا يكاد يبين.
وبدءوا في إحصاء ما يملكون رغبة في تجهيز أنفسهم جميعا بما لديهم كذلك.
فأطرق الأول مفكرا وقال بصوت خفيض: لا شئ عندي.
وأطرق الثاني مفكرا وقال كذلك بصوت خفيض: لا شئ عندي.
وأطرق الثالث وقال نفس المقالة.
وقال الرابع كذلك.
والخامس كذلك.
وقال السادس وأنا كذلك: ما عندي شئ.
وقال صاحب الاقتراح: والأسف يغطي ملامح وجهه وأنا كذلك.
إذا. .!!
ماذا نفعل. .؟؟ لابد من الاستجابة لأمر الله تعالى
لابد من الذهاب، لابد من مصاحبة النبي صلى الله عليه وسلم في الغزو.
لابد من الذهاب، لابد. . .
ولفتهم الحيرة بصمت ثقيل طويل.
وقال أحدهم: عندي اقتراح آخر!!
فقال الجميع بلهفة: ما هو؟؟
قال: فلنذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونطلب منه أن يحملنا معه وسوف يكفينا مؤونة الزاد والراحلة، وهو يعلم أننا جميعا أهل حاجة.
فقال الجميع: نعم ما رأيت، وبهذا لا يفوتنا شرف الاشتراك وفرصة الاستشهاد في هذه الغزوة.
واستقر رأيهم على هذا الحل الذي لم يجدوا الامتثال لقوله تعالى: {انفروا خفافا وثقالا}
وقام الجميع من المجلس.
وتوجه الرجال السبعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
سالم بن عمير، وعلبة بن زيد،وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب، وعمرو بن حمام بن الجموح، وعبد الله بن المغفل المزني، وهرمي بن عبد الله، وعرباض بن سارية الفزاري.
ودخلوا عليه صلى الله عليه وسلم.
وقالوا: يا رسول الله. .!!
إن الله قد ندبنا للخروج معك والجهاد لرفع راية الإسلام ونحن نحب أن لا يفوتنا السير في صفوف الذاهبين معك لقتال الروم في تبوك بيد أننا ـ كما تعرف ـ أهل حاجة وفقر ولا نملك جميعا من الزاد والراحلة ما يجعلنا مع المجاهدين.
¥