تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وسكت النبي صلى الله عليه وسلم فترة، راجع فيها رجاله وعدته وعتاده وما تجهز لديه، ووجد عليه الصلاة والسلام أنه لم يتبق لديه ما يحملهم معه عليه.

وسكت جميع الحاضرين مجلس النبي صلى الله عليه وسلم.

وسكت الرجال السبعة: يداعبهم الأمل في حمل النبي صلى الله عليه وسلم لهم معه ويراودهم حب الاستشهاد في سبيل الله تعالى وترفرف أمام أعين خيالاتهم رايات نصر النبي صلى الله عليه وسلم على هؤلاء الروم الذاهب إليهم.

وخيم الصمت على المجلس.

ثم. . ثم نطق النبي صلى الله عليه وسلم قائلا لهم: {لا أجد ما أحملكم عليه}.

ووقعت الطامة على رؤوس الرجال السبعة، وعلت الدهشة وجوههم وملامحهم تنطق بأنهم ما سمعوا أو أنهم سمعوا لكنهم ما فهموا، أو أنهم سمعوا وفهموا لكنهم ما كانوا يودون ذلك، ولم يصرفهم ما سمعوه منه صلى الله عليه وسلم عن رغبتهم الصادقة وحبهم الشديد للذهاب إلى قتال الروم.

فقال أحدهم: بصوت ينم عن التواضع في الطلب، يا رسول الله احملنا معك على أقل ما يحمل عليه المجاهد، احملنا على ما يمكن الاستغناء عنه بحيث لا تتركنا نتخلف عن هذه الغزوة البعيدة.

وقال آخر وصوته يقطر رجاء وتوسلا، يا رسول الله: احملنا على الخفاف المرقوعة والنعال المخصوفة لنغزو معك.

فقال صلى الله عليه وسلم وقد درس هذا الأمر قبلا وأصدر فيه رأيا بصوت تواسيهم بنبراته: {لا أجد ما أحملكم عليه}.

وصمت الرجال السبعة وقتل الأمل الذي يداعبهم، وسدت المنافذ أمامهم وقطع منهم خيط الرجاء.

إذا.

فلن يمكنهم الذهاب مع النبي صلى الله عليه وسلم ولن ينالهم شرف الجهاد معه في هذه الغزوة البعيدة. . وسيكتب عليهم التخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وانصرف الرجال السبعة من مجلس النبي صلى الله عليه وسلم {وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون} وأن ينالهم عقابه على تخلفهم هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم ليسوا من الضعفاء ولا من المرضى حتى يكون لهم العذر ي هذا التخلف الذي صار شيئا مخيفا وباب عصيان فتح عليهم، وأسود الأبيض أمام أعينهم، وخيم خوف العصيان عليهم، وجثم كابوس التخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدورهم.

وانهمر الجميع في البكاء نعم في البكاء الشديد واستولى عليهم بصورة عجيبة يقطر منها الإيمان ويفوح منها الخوف من الله ويشع منها حب الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وصار الرجال السبعة يبكون ويتوجهون إلى الله تعالى.

• في الطرقات يبكون.

• في البيوت يبكون.

• في المسجد يبكون.

• في جماعتهم يبكون.

• على انفرادهم يبكون.

خوفا من عصيان الله وحرصا على الجهاد مع رسول الله وأملا في فرج يدركهم بما يأملون ويرغبون فيه.

وشاع خبرهم وذاع بالمدينة أمرهم.

وتندر بهم المنافقون.

وحزن من أجلهم المسلمون لكن ماذا يفعلون؟ فالأغنياء قد تبرعوا بالكثير من أموالهم وقد جهز منها النبي صلى الله عليه وسلم قبلهم من جهز من المجاهدين، والآخرون قد جهزوا أنفسهم بأموالهم الخاصة، وأشفق النبي صلى الله عليه وسلم كذلك عليهم.

لكن ماذا يفعل. . .؟

رغبتهم صادقة، وحرصهم شديد، لكنه لا يجد ما يحملهم عليه.

إذا فأمرهم لله تعالى.

لعل الله يسمع بكاءهم ويتقبل عنهم عذرهم ويستجيب لدعائهم.

وكان الله تعالى سميعا مجيبا.

فقد نزل القرآن.

نعم بخصوصهم نزل القرآن.

ليرفع عنهم الإثم ويعفيهم من الحرج والمؤاخذة ويتقبل منهم عذرهم.

حيث قال تعالى: {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون} التوبة/92

أي ليس عليهم إثم أو حرج في هذا التخلف عن الجهاد مع النبي صلى الله عليه وسلم.

وفرح النبي صلى الله عليه وسلم برفع الحرج عن هؤلاء الصادقين.

وفرح الرجال السبعة إذ أعفاهم الله تعالى كما نزل في شأنهم قرآن يتلى ويتعبد به، وفرح المسلمون كذلك.

يا ليت للمسجد الأقصى وللقدس الشريف اليوم من أمثالهم.

(مجلة الوعي الإسلامي) العدد (206) - للدكتور/ عبد الحي الفرماوي

على رابط ( http://www.hadielislam.com//articles/article.php?a=4131&back=aHR0cDovL3d3dy5oYWRpZWxpc2xhbS5jb20vYXJ0aWNsZ XMvYXJ0aWNsZXMucGhwP21vZD1jYXRlZ29yeSZjPTEzMDImcGF nZW5vPTI=)

ـ[أبو عبدالله الخليلي]ــــــــ[26 - 08 - 08, 09:44 م]ـ

حيث قال تعالى: {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون} التوبة/92

-

-

يا ليت للمسجد الأقصى وللقدس الشريف اليوم من أمثالهم.

صدقت والله

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير