[ماحكم البيع في وقت صلاة الجمعة في بلاد الكفر؟]
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[16 - 07 - 08, 02:48 ص]ـ
سؤال يرد من احد المسلمين في بلاد الغرب يقول فيه:
انا صاحب محل في احد الدول الغربية في يوم الجمعةفي وقت الصلاة اذهب الى الصلاة واترك المحل مفتوح وبعض العمال من النصارى او من هم تاركين الصلاة يديروا المحل وقت غيابي فهل هذا البيع جائز؟ علما ان اغلاق المحل في هذا الوقت يؤدي الى فقدان الكثير من الزبائن.
ـ[أبو السها]ــــــــ[16 - 07 - 08, 11:40 ص]ـ
إذا كان العمال الذين يعملون معك ممن تجب عليهم الجمعة، فإن كان وقع البيع عند الأذان الثاني وصعود الإمام المنبر فهو حرام لأن الله تعالى نهى عن الاشتغال بالبيع بعد النداء لها في قوله: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) [الجمعة:9]
قال في التاج والإكليل في الفقه المالكي قال مالك: فإذا قعد الإمام على المنبر فأذن المؤذن منع من البيع، فإذا تبايع حينئذ اثنان تلزمهما الجمعة أو تلزم أحدهما فسخ البيع، فإن كان لا تجب على واحد منهما لم يفسخ.
-ورد في المهذب للشيرازي (شافعي) قال: وأما البيع فينظر فيه .. فإن كان قبل الزوال لم يكره، وإن كان بعده وقبل ظهور الإمام كره، فإن ظهر الإمام وأذن المؤذن حرم لقوله تعالى: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ {الجمعة: 9}.
-أما قولك (وبعض العمال من النصارى او من هم تاركين الصلاة- الأصح: للصلاة-)، فهذا لايجعلهم في منأى عن وجوب شهود الصلاة،
فأما الذين هم من المسلمين الذين لا يصلون فالأمر ظاهر في كون صلاة الجمعة واجبة في حقهم، هذا إذا ذهبنا مع من لم ير تكفيرهم، وأما إذا حكمنا بكفرهم فهم والعمال النصارى سواء،فيرجع حكم المسألة إلى حكم مخاطبة الكافر بفروع الشرع، والصحيح أنه مخاطب بها، وهو قول الجمهور، ولذا قالوا: لا يجوز تمكينه من الطعام في نهار رمضان ولا إعانته عليه.
-جاء في " الموسوعة الفقهية " (9/ 211، 212) تحت عنوان: بيع ما يقصد به فعل محرم:
" ذهب الجمهور إلى أن كل ما يقصد به الحرام , وكل تصرف يفضي إلى معصية: فهو محرم , فيمتنع بيع كل شيء علم أن المشتري قصد به أمراً لا يجوز ....
ومن أمثلته عند الشافعية: بيع مخدر لمن يظن أنه يتعاطاه على وجه محرم , وخشب لمن يتخذه آلة لهو , وثوب حرير لرجل يلبسه بلا نحو ضرورة. وكذا بيع سلاح لنحو باغ وقاطع طريق. . . . . ودابة لمن يحملها فوق طاقتها.
كما نص الشرواني وابن قاسم العبادي على منع بيع المسلم طعاماً للكافر إذا علم أو ظن أنه يأكله نهاراً في رمضان , كما أفتى به الرملي , قال: لأن ذلك إعانة على المعصية , بناء على أن الراجح أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة " انتهى.
وصلاة الجمعة من هذا الباب.
-أما قولك (علما ان اغلاق المحل في هذا الوقت يؤدي الى فقدان الكثير من الزبائن) فهذا لا يعد من الأعذار التي تجوز التخلف عن شهود صلاة الجمعة، فقد نص الفقهاء على (أنه إذا وجدت مصلحة عامة للمسلمين أو خاصة تضيع كسرقة مال أو احتراقه أو تلفه أو يحصل ضرر بحضور الجمعة جاز التخلف عنها وصلاتها ظهراً.
أما إذا كان سبب التخلف زيادة ربح أو مزيد إنتاج أو زيادة تحصيل دراسي المجرد البقاء في الوظيفة وعدم فقد العمل أو لأن راتب هذه الوظيفة أكثر ونحو ذلك من منافع الدنيا ونحو ذلك فإن هذا ليس بسبب يجيز شرعاً التخلف عن الجمعة، كيف وقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) الجمعة/9
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ) رواه الترمذي (500) وصححه الألباني).
فيجب عليك إغلاق المحل وقت الصلاة، ولا تلتفت إلى زيادة في ربح أو مزيد في إنتاج فكله عرض زائل، جاء في الحديث الصحيح (إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته) واعلم أن إغلاقك للمحل وقت الصلاة فيه إظهار لشعائر الله في بلاد الكفر وهو من عظيم الجهاد- والله أعلم-