قال ابن حجر: يحتمل أن تكون القصة تعددت، وقال: وفيه أن الخطبة على الأرض عن قيام في المصلى أولى من القيام على المنبر، والفرق بينه وبين المسجد أن المصلى يكون بمكان فيه فضاء فيتمكن من رؤيته كل من حضر، بخلاف المسجد فإنه يكون في مكان محصور فقد لا يراه بعضهم ([64]).
حكم الكلام أثناء الخطبة:
يكره الكلام والإمام يخطب يوم العيد ... نقله في المجموع من الشافعي، وابن أبي شيبة في مصنفه عن الحسن وعطاء وغيرهما، ولا شك أن من الأدب ألا يتكلم لأنه إذا تكلم أشغل نفسه وغيره.
مخالفة الطريق:
ذهب أكثر أهل العلم إلى استحباب الذهاب إلى صلاة العيد في طريق، والرجوع في طريق آخر سواء كان إماماً أو مأموماً لحديث جابر عند البخاري قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى العيد يرجع في غير الطريق الذي ذهب فيه.
ويجوز الرجوع في الطريق الذي ذهب فيه كما ثبت هذا من فعل بعض الصحابة رضوان الله عليهم، عند أبي داود وغيره.
اجتماع العيد والجمعة:
إذا اجتمع العيد والجمعة في يوماً واحد سقطت الجمعة عند أكثر أهل العلم ([65]) عمن صلى العيد لحديث زيد بن أرقم قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم العيد ثم رخص في الجمعة، فقال: (من شاء أن يُصلى فليصل) ([66]).
أما الإمام ففي سقوطها عنه روايتان:
الأول: لا تسقط لقوله عليه الصلاة والسلام: (قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون) ([67])؛ ولأن الإمام لو تركها لامتنع فعل الجمعة في حق من تجب عليه، ومن يريدها ممن سقطت عنه، بخلاف غيره من الناس.
والثانية: تسقط لعموم قوله (فمن شاء)، ولما أخرجه النسائي وأبو داود عن وهب بن كيسان قال: اجتمع عيدان على عهد ابن الزبير، فأخَّر الخروج حتى تعالى النهار، ثم خرج فخطب ثم نزل فصلى، ولم يُصلي للناس يوم الجمعة، فذكرت ذلك لابن عباس، فقال: أصاب السنة ([68])، وفي رواية أبي داود: (فجمعهما جميعاً فصلاهما ركعتين بكرة لم يزد عليهما حتى صلى العصر) ([69]).
قال الشوكاني: ويدل على أن الترخيص عام لكل واحد ترك ابن الزبير للجمعة وهو الإمام إذا ذاك، وقول ابن عباس أصاب السنة، رجاله رجال الصحيح، وعدم الإنكار عليه من أحد من الصحابة، وأيضاً لو كانت الجمعة واجبة على البعض لكانت فرض كفاية، وهو خلاف معنى الرخصة. اهـ ([70]).
قلت: وهذا الذي ذكره الإمام الشوكاني رحمه الله فيه نظر، إذ يحتمل أن يكون ابن الزبير رضي الله عنه قد قدَّم الجمعة إلى قبل الزوال على القول بذلك، ويؤيده قول ابن عباس: أصاب السنة، إذ السنة في حق الإمام صلاة الجمعة وإن صلى العيد كما هو ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: ((وإنا مجمعون))، والله أعلم.
وهل يُصلى الظهر إذا ترك الجمعة؟
في وجوبها، فقيل تجب صلاة الظهر على من تخلف عن الجمعة لحضوره العيد، وقيل لا تجب لحديث ابن الزبير عن أبي داود، وقد تقدم، قال الشوكاني: قوله: (لم يزد عليهما حتى صلى العصر): ظاهره أنه لم يصل الظهر، وفيه أن الجمعة إذا سقطت بوجه من الوجوه المسوغة لم يجب على من سقطت عنه أن يُصلى الظهر وإليه ذهبه عطاء ([71]).
قال الخطابي: وهذا لا يجوز أن يحمل إلا على قول من يذهب إلى تقديم الجمعة قبل الزوال، فعلى هذا يكون ابن الزبير قد صلى الجمعة فسقط العيد؛ والظهر، ولأن الجمعة إذا سقطت مع تأكدها، فالعيد أولى أن يسقط بها، أما إذا قدم العيد فإنه يحتاج إلى أن يُصلى الظهر في وقتها إذا لم يصل الجمعة ([72]).
قال الشوكاني في التعقيب على هذا التوجيه: ولا يخفى ما في هذا الوجه من التعسف ([73]).
وقال صاحب فقه السنة: والظاهر عدم الوجوب ([74]). أي عدم وجوب الظهر لمن شهد العيد وتخلف عن الجمعة.
حكم من فاتته صلاة العيد:
¥