تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ما حكم التجنس بجنسية الكفار، علمًا أنّه يطلب من طالب الجنسية أن يحلف على احترام وتطبيق القوانين والتي لا يخفى تنافيها مع الشريعة، ولقد سمعت بعض من قال أنه لا بأس بذلك، لأن الموافقة تكون ظاهرًا، أما الباطن فهو مطمئن بالإيمان، وأن الدول الإسلامية لا تطبق الشريعة فهي ودول الكفر سواء، بل إنّ هذه الدول تسمح بحرية الدين والمعتقد، فما رأيكم شيخنا؟

الجواب:

لا يجوز للمسلم أن يتجنّس بجنسية دولة كافرة، لأنّ ذلك وسيلة إلى قبول أحكامهم وموالاتهم والموافقة على ما هم عليه من الباطل، أمّا ما يرجوه المتجنّس من الامتيازات الّتي يتوقّعها بعد حصوله على الجنسيّة فليست بشيء أمام الأخطار التي قد يتعرض لها دينه، بل قد ذهب بعض أهل العلم إلى كفر من فعل ذلك (كالشيخ: عبد الحميد ابن باديس، والشيخ أحمد حماني مفتي الجزائر الأوّل ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى سابقا).

وبناء على ما سبق فإن الأصل العام في المسألة أنه: يحرم على المسلم أن يتجنس بجنسية دولة كافرة، ولكن قد يجوز ذلك في حالة الضرورة، ولبيان ذلك ننقل فتوى للشيخ خالد الماجد (عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية):

السؤال: ما حكم التجنّس بالجنسية الأوربية للمسلم الذي يأتي للبلاد الأوروبية فارّاً بدينه من الظلم الذي وقع عليه في بلده الأصلي، وفقد فيه هويته، وفقد أمل الرجوع إلى وطنه؟

الجواب: الحمد لله، للجواب على هذا السؤال يلزم بيان أمرين:

الأول: كون الإقامة في بلد الكفار جائزة.

الثاني: قيام الحاجة إلى أخذ الجنسية.

تفصيل الأمر الأول: الإقامة في بلاد الكفار لا تجوز إلا بالشروط الآتية:

1 - وجود الحاجة الشرعية المقتضية للإقامة في بلادهم ولا يمكن سدّها في بلاد المسلمين، مثل التجارة والدعوة، أو التمثيل الرسمي لبلد مسلم، أو طلب علم غير متوفر مثله في بلد مسلم من حيث الوجود، أو الجودة والإتقان، أو الخوف على النفس من القتل أو السجن أو التعذيب، وليس مجرد الإيذاء والمضايقة، أو الخوف على الأهل والولد من ذلك، أو الخوف على المال.

2 - أن تكون الإقامة مؤقتة، لا مؤبّدة، بل ولا يجوز له أن يعقد النية على التأبيد، وإنما يعقدها على التأقيت، لأن التأبيد يعني كونها هجرة من دار الإسلام إلى دار الكفر، وهذا مناقضة صريحة لحكم الشرع في إيجاب الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، ويحصل التأقيت بأن ينوي أنه متى زالت الحاجة إلى الإقامة في بلد الكفار قطع الإقامة وانتقل.

3 - أن يكون بلد الكفار الذي يريد الإقامة فيه دار عهد، لا دار حرب، وإلا لم يجز الإقامة فيه، ويكون دار حرب إذا كان أهله يحاربون المسلمين.

4 - توفر الحرية الدينية في بلد الكفار، والتي يستطيع المسلم بسببها إقامة شعائر دينه الظاهرة.

5 - تمكنه من تعلّم شرائع الإسلام في ذلك البلد، فإن عسر عليه لم تجز له الإقامة فيه لاقتضائها الإعراض عن تعلم دين الله.

6 - أن يغلب ظنه بقدرته على المحافظة على دينه، ودين أهله وولده. وإلا لم يجز له؛ لأن حفظ الدين أولى من حفظ النفس والمال والأهل.

فمن توفرت فيه هذه الشروط -وما أعسر توفرها- جاز له أن يقيم في بلاد الكفار، وإلاّ حرم عليه، للنصوص الصريحة الواضحة التي تحرم الإقامة فيها، وتوجب الهجرة منها، وهي معلومة، وللخطورة العظيمة الغالبة على الدين والخلق، والتي لا ينكرها إلا مكابر.

ثانياً: تحقق الحاجة الشرعية لأخذ الجنسية، وهي أن تتوقف المصالح التي من أجلها أقام المسلم في دار الكفار على استخراج الجنسية، وإلا لم يجز له، لما في استخراجها من تولى الكفار ظاهراً، وما يلزم بسببها من النطق ظاهراً بما لا يجوز اعتقاده ولا التزامه، كالرضا بالكفر أو بالقانون، ولأن استخراجها ذريعة إلى تأبيد الإقامة في بلاد الكفار وهو أمر غير جائز - كما سبق - فمتى تحقق هذان الأمران فإني أرجو أن يغفر الله للمسلم المقيم في بلاد الكفار ما أقدم عليه من هذا الخطر العظيم، وذلك لأنه إما مضطر للإقامة والضرورة تتيح المحظورة، وإما للمصلحة الراجحة على المفسدة، والله أعلم. اهـ

أمّا قول من قال أنه لا بأس بذلك، لأن الموافقة تكون ظاهرًا، أما الباطن فمطمئن بالإيمان، فالجواب عليه بأن يقال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير