(قَوْلُهُ فَلَا تَدْخُلُ الْحَمَّامَ مَعَ الْمُسْلِمَةِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: يَنْبَغِي تَقْيِيدُ مَنْعِهِنَّ بِمَا إذَا كَشَفَتْ الْمُسْلِمَةُ مِنْ جَسَدِهَا زِيَادَةً عَلَى مَا يَبْدُو حَالَ الْمِهْنَةِ وَإِلَّا فَلَا مَنْعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهَا أَنْ تُبْدِيَهُ لِلْكَافِرَةِ وَقَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَرَى إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ وَهُوَ الْوَجْهُ وَالرَّأْسُ وَالْيَدُ إلَى الْمِرْفَقِ وَالرِّجْلِ إلَى الرُّكْبَةِ ش (قَوْلُهُ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ جَوَازُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا أَيْ لَمَّا سَوَّى مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) ضَعِيفٌ.
(قَوْلُهُ وَنَازَعَهُ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهَا مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْفِسْقُ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ ذَلِكَ) فِي مُلَاقَاةِ كَلَامِهِ لِكَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ نَظَرٌ إذْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ الْفِسْقَ يُخْرِجُهَا عَنْ الْإِيمَانِ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّ الْفَاسِقَةَ يَحْرُمُ نَظَرُهَا إلَى الْعِدْلَةِ كَمَا يَحْرُمُ نَظَرُ الْكَافِرَةِ إلَى الْمُسْلِمَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَحْكِيَ مَا رَآهُ وَهُوَ حَسَنٌ
س قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْمُسَاحَقَةَ وَنَحْوَهَا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ فَقَالَ وَإِنْ كَانَتْ مُسَاحَقَةً فَكَالرَّجُلِ وَنَحْوِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ إنْ كَانَتْ تَمِيلُ إلَى النِّسَاءِ أَوْ خَافَتْ مِنْ النَّظَرِ إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ الْفِتْنَةَ لَمْ يَجُزْ لَهَا النَّظَرُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ مَعَ الْمَرْأَةِ فَكَالرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ وَأَمَّا عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ بِحَالٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ سَكَتُوا عَنْ الْمُرْتَدَّةِ وَالْمُتَّجَهُ تَحْرِيمُ تَمْكِينِهَا مِنْ النَّظَرِ؛ لِأَنَّهَا أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الذِّمِّيَّةِ وَالْفَاسِقَةِ وَذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ أَيْضًا
وَقَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ تَحْرِيمُ تَمْكِينِهَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ " اهـ منه بلفظه.
وفي أحكام أهل الذمة لابن القيم: "فصل: الذمية إذا خرجت
قال أبو القاسم الطبري: وأما المرأة إذا خرجت فيكون أحد خفيها أحمر حتى يعرف بأنها ذمية.
وقد روى هشام بن الغاز عن مكحول وسليمان بن موسى أن عمر كتب إلى أهل الشام: امنعوا نساءهم أن يدخلن مع نسائكم الحمامات.
وقال أحمد بن حنبل: أكره أن تطلع أهل الذمة على عورات المسلمين.
قال أبو القاسم: وهذا صحيح: إن نساء أهل الذمة لسن بثقات على شيء من أمور المسلمين فلا يؤمن الفساد. وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تباشر المرأة قشعتها لزوجها حتى كأنه ينظر إليها. يعني: فيفضي ذلك إلى وصف الذمية المسلمةَ لزوجها الذمي حتى كأنه يشاهدها، فكرهه أحمد لهذا المعنى.
قال: وقد رويت كراهته عن عبد اللّه بن بشر، وهو من أعلى التابعين من أهل الشام.
ثم ساق من طريق عيسى بن يونس عن أبي إسحاق عن هشام بن الغاز أن عبد اللّه بن بشر كره أن تقبل النصرانية وأن ترى عورتها.
قلت: أحمد احتج بقوله تعالى: (وَلا يُبْدينَ زينَتَهُن إلا لبُعُولَتهِن) إلى أن قال: (أوْ نسائِهِن) فخص نساء المسلمات بجواز إبداء الزينة لهن دون الكواَفر. ثم ذكر أحمد هذا اَلأثر، فعنده في إحدى الروايتين أن المسلمة مع الكافرة كالأختين اللتين تنظران ما تدعو إليه الحاجة، واللّه أعلم " اهـ منه بلفظه.