تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واستمر العمل على هذا بين علماء الأمة من سادات الأمة وأئمتها، يأمرون بطاعة الله ورسوله والجهاد في سبيله مع كل إمام بر أو فاجر – كما هو معروف في كتب أصور الدين والعقائد -.

وكذلك بنوا العباس استولوا على بلاد المسلمين قهراً بالسيف ن لم يساعدهم أحد من أهل العلم والدين، وقتلوا خلقاً كثيراً وجمعاً غفيراً من بني أمية وأمرائهم ونوابهم، وقتلوا أبن هبيرة أمير العراق، وقتلوا الخليفة مروان، حتى نقل أن السفاح قبل في يوم واحد نحو الثمانين من بني أمية، ووضع الفرش على جثثهم وجلس عليها، ودعا بالمطاعم والمشارب.

ومع ذلك فسيرة الأئمة كالأوزاعي، ومالك، والزهري، والليث بن سعد، وعطاء بن أبي رباح، مع هؤلاء الملوك لا تخفي على من لهم مشاركة في العلم وإطلاع.

والطبقة الثانية من أهل العلم، كأحمد بن حنبل، ومحمد بن إسماعيل، وحمد بن إدريس، واحمد بن نوح، وأسحق بن راهوية، وإخوانهم ... وقع في عصرهم من الملوك ما وقع من البدع العظام وإنكار الصفات، ودعوا إلي ذلك، وامتحنوا فيه وقتل من قتل، كأحمد بن نصر، ومع ذلك، فلا يعلم أن أحداً منهم نزع يداً من طاعة، ولا رأي الخروج عليهم .. )) ([2]) ا هـ.

فتأمل هذا الكلام البديع وانظر فيه بعين الإنصاف، تجده من مشكاة السلف الصالح، على وفق الكتاب والسنة والقواعد العامة بعيداً عن الإفراط والتفريط.

وكلام أئمة الدعوة – رحمهم الله تعالي – كثير في هذا الباب، تري طائفة منه في الجزء السابع من كتاب ((الدرر السنية في الأجوبة النجدية)).

كل هذا يؤيد ضرورة الاهتمام بهذا الأصل العقدي، وترسيخه عند غلبة الجهل به، أو فشوا الأفكار المنحرفة عن منهج أهل السنة فيه.

ولا ريب أن الزمن الذي نعيش فيه الآن أجتمع فيه الأمران:

غلبة الجهل بهذا الأمر، وفشوا الأفكار المنحرفة فيه.

فواجب أهل العلم وطلبته: الالتزام بالميثاق الذي أخذه الله عليهم في قوله – تعالي -) لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِوَلاَتَكْتُمُونَهُ (([3]) فليبينوا للناس هذا الأصل محتسبين لله – تعالي -، مخلصين له أعمالهم، ولا يمنعهم من بيانه تلك الشبهات المتهافتة التي يروجها بعض من خلاق له.

كقول بعضهم من المستفيد من بيان هذا الأمر؟

يشير إلي أن المستفيد منهم الولاة فقط! وهذا جهل مفرط وضلال مبين، إذ منشؤه سوء الاعتقاد فيما يجب لولاة الأمر أبراراً كانوا أو فجاراً.

على أن الفائدة مشتركة بين الراعي والرعية كما لا يخفي على أهل العلم – بل قد تكون الرعية أكثر فائدة من الرعاة.

ومن الشبه – أيضاً – قول بعضهم: إن الكلام في هذا الموضوع ليس هذا وقته.

سبحان الله ‍‍ ‍‍‍‍! متي وقته إذن؟ أ إذا طارت الرؤوس وسفكت الدماء؟ أ إذا عمت الفوضى ورفع الأمن؟

إن الكلام في هذا الموضوع يجب أن يكثف من قبل العلماء وطلبة العلم في هذه الأيام خاصة، لما حصل لفئة من الناس من تلوث فكري في هذا الباب، قاد زمامه شراذم من أصحاب الاتجاهات الدخيلة، فأفسدوا أيما إفساد، وشوشو على عقيدة أهل السنة والجماعة في هذا الباب الخطير بما ألقوه من الشبه الفاسدة، والحجج الكاسدة.

ولا تغتر بمن ينكر وجود هؤلاء، ويقول (أن موضوع البيعة والسمع والطاعة لم يشكك فيه أحد) فإنه أحد رجلين: أما متستر عليهم يخشى من تصنيفهم بما هم عليه، أو جاهل لا يدري ما الناس فيه.

فليتقي الله – تعالي – هؤلاء المرجفون، ولينتهوا عن صد الناس عن سبيل الله تعالي، خدمة لأحزابهم، أو ترويجاً لمذاهبهم الفاسدة بمثل هذه الشبة الواهية، أو إتباعاً لهؤلاء بغير هدي من الله.

وعلى من أراد لنفسه النجاة والفلاح أن يتأمل في نصوص الشرع الواردة في هذا الباب، فيعمل بها ويذعن لها، ولا يجعل للهوي عليه سلطاناً، فإن العبد لا يبلغ حقيقة الإيمان حتى يكون هواه تبعاً لما جاء به الشرع المطهر.

وأكثر فساد الناس في هذا الباب إنما هو من جراء إتباع الهوى وتقديم العقل على النقل.

فبين يديك – أيها الطالب للحق – نصوص وشرعية، ونقول سلفية، فأرع لها سمعك، وأمعن فيها بصرك، جعل الله التوفيق حليفك، والتسديد رفيقك، وجنبنا – وإياك – مضلات الأهواء والفتن).

انتهى كلام الشيخ عبد السلام بن برجس رحمه الله تعالى

[1]) المعروف أنه نائب عن عبد الملك بن مروان – فقط -

[2]) الدرر السنية في الأجوبة النجدية: (7/ 177 - 178)

[3]) سورة آل عمران آية 187.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير