أولا: منهجي في الإجابة عن الأسئلة المطروحة من قبل بعض الإخوان في هذا المنتدى وفي غير هذه المنتدى هو أني أجتهد أن لا أكون أول مجيب لها لأفسح المجال لمن هو أقدر مني وهم كثير والحمد لله فإن لم أجد من يجيب تقدمت للإجابة مع اعترافي بالتقصير، وكان لزاما أن يتقدم أحدنا إلى الإجابة لحاجة المستفتي إليها، بل أحيانا يكونا مستعجلا - كما في هذا السؤال-
ثانيا: أجتهد في البحث عن فتاوى العلماء الربانيين لتلك الفتوى المطروحة، فإن لم أجد فإني عادة ما أحجم عن الإجابة، والحمد لله، تستطيع أن تنظر إلى مشاركاتي تجدها غالبا نقلا عن العلماء، غير أنه أحيانا يكون السؤال يحمل مسائل عدة متداخلة، فبعد اطلاعي عليها في كتب الفقه وفي أقوال العلماء أقوم بتلخيص الجواب حذرا من الإطالة - كما هو الحال -في هذه المسألة التي طرحتها الأخت.
- والآن وحتى يطمئن قلبك على صحة ما أقوله، أسوق لك مسائل هذه الفتوى مقرونة بأقوال الفقهاء:
* المسألة الأولى: قولي"يجب عليها الإقلاع عن هذا العمل فورا "وهذا معروف بأنه من شروط التوبة المذكورة في كتب الفقة والآداب:
الأول: الإقلاع عن الذنب فوراً.
الثاني: الندم على ما فات.
الثالث: العزم على عدم العودة.
الرابع: إرجاع حقوق من ظلمهم، أو طلب البراءة منهم
*المسألة الثانية: قولي"اللهم إلا إذا كانت بعيدة عن بيع المواد المحرمة واقتصر عملها في المحل على المواد الحلال ... الخ " فقد جاء في فتوى للشيخ المنجد حفظه الله ما يلي:
حكم العمل في شركة برمجة وفيها قسم آخر يصمم مواقع لترويج الخمر
أنا أعمل مهندس كومبيوتر في شركة برمجيات أصحابها نصارى وقد بدأت الشركة في مواقع إلكترونية لمحلات ومصانع خمور لكن ليس بها حتى الآن عمل برمجيات بل كلها حتى الآن عمل لمصممي المواقع وليس لمبرمجيها لكن هناك احتمال كبير في تداخل العملين معاً. أنا تركت الشركة لأبعد عن الشبهات ولكن هناك مسلمون في الشركة لا يريدون أن يغادروا الشركة، فما الحكم في هذا الموقف؟
الحمد لله
إذا كانت أعمال البرمجة مقتصرة على ما هو مباح، ولا علاقة لها بالمواقع المحرمة كمواقع بيع الخمور وتصنيعها، فلا حرج من البقاء في هذا العمل، وهو من باب الإجارة على المباح عند من يقترف الحرام، كالعمل عند المرابي وشارب الخمر ونحوهما، ومعلوم أن الأصل حل هذا التعامل، ما لم يكن فيه إعانة على الحرام. وقد عمل بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لدى اليهود، مع اشتهار أخذهم الربا وأكلهم السحت.
لكن يكره التعامل مع أصحاب الأموال المختلطة، وقد أحسنت في الخروج من هذه الشركة، ونسأل الله تعالى أن يخلف عليك خيرا.
وإذا دمج بين أعمال البرمجة وأعمال التصميم لمواقع الترويج للخمر أو غيرها من المنكرات، تعيّن ترك العمل؛ لأنه لا يجوز مباشرة الحرام أو الإعانة عليه.
وانظر السؤال رقم (31781).
والله أعلم.الإسلام سؤال وجواب
* المسألة الثالثة: قولي"إذا كانت محتاجة إلى هذا المال فلها أن تستفيد منه ... "قال شيخ الإسلام ابن تيمية – كما في "مجموع الفتاوى" (29/ 308):
" فإن تابت هذه البغي وهذا الخَمَّار وكانوا فقراء، جاز أن يُصرف إليهم من هذا المال قدر حاجتهم، فإن كان يقدر يتجر أو يعمل صنعة كالنسج والغزل، أعطي ما يكون له رأس مال " ا.
-وقد بسط ابن القيم الكلام على هذه المسألة في "زاد المعاد" (5/ 778) وقرر أن طريق التخلص من هذا المال وتمام التوبة إنما يكون: " بالتصدق به، فإن كان محتاجا إليه فله أن يأخذ قدر حاجته، ويتصدق بالباقي " انتهى
*المسألة الرابعة: قولي "إذا كان عملها في المحل يشمل هذا وهذا:
- فاستطاعت أن تميز النسبة بينهما كأن يكون العمل في المواد المحرمة ثلث الوقت فالأولى أن تخرج ثلث مالها.
-وإن لم تستطع أن تميز تجعل المال شطرين فتمسك النصف وتتخلص من النصف."
يقول شيخ الإسلام:"وإذا كان في ماله حلال وحرام واختلط: لم يحرم الحلال، بل له أن يأخذ قدر الحلال، كما لو كان المال لشريكين فاختلط مال أحدتهما بمال الآخر، فإنه يقسم بين الشريكين،وكذلك من اختلط بماله: الحلال والحرام، أخرج قدر الحرام، والباقي حلال له، والله أعلم ". (مجموع فتاوى شيخ الإسلام ج29 ص 272
¥