إذن فما كان من الأطعمة أو الأشربة يتضمن في تركيبه شيئا من هذه المواد فهو باق على الإباحة الأصلية، ولا حرج على المسلم في تناوله.
وديننا يسر، وقد نهانا عن التكلف، والبحثُ والتنقيبُ عن مثل ذلك ليس مما أمرنا به الله تعالى ولا رسوله " انتهى.
نقلا عن "فقه النوازل" للدكتور محمد الجيزاني (4/ 263 - 267).
ويقول الدكتور محمد علي البار في "الخمر بين الطب والفقه" (ص/65):
" لو شرب إنسان ما كثيرا من هذه المشروبات: مثل " البيبسي كولا " فهل يسكر؟ من المعلوم والمتفق عليه أنه لا يسكر ولو شرب فرقا - يعني كمية كبيرة -. فعلة التحريم وهي الإسكار مفقودة .. وعليه، فإن حديث: (ما أسكر كثيره فقليله حرام) أو حديث: (ما أسكر الفرق منه فمِلء الكف منه حرام) - رواه الترمذي (1866) وحسنه، وصححه الألباني في صحيح الترمذي - لا ينطبق مطلقا على هذه المشروبات، إذ لو شرب شخص ما هذه المشروبات بأي كمية كانت فإنه لا يسكر.
وعليه؛ فإن هذه المشروبات لا يمكن أن تكون إلا حلالا؛ لأن علة التحريم مفقودة أصلا .. وهي الإسكار .. ولأنه لا ينطبق عليها اسم الخمر لا لغة ولا شرعا ولا حكما.
ورغم كل هذا فإن أغلب الفقهاء متفقون على أن الخمر لو أضيفت إلى سائل أو مادة استهلكت فيها الخمر استهلاكاً تاماً بحيث لم تعد تلك المادة مسكرة ولو شرب منها الكثير فإن تلك المادة تصبح حلالاً، وما فيها من الخمر معفو عنه؛ لأنه داخل في حكم المستهلَك، وقد استدل الفقهاء على ذلك بفعل النبي صلى الله عليه وسلم عندما أتي بجبن من الشام وأخبر بأنه يُعقد بأنفحة نجسة فجوز صلى الله عليه وسلم أكله ولم ينه عنه.
وعن ابن عمر: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بجبنة في تبوك من عمل النصارى فدعا بسكين فسمى وقطع وأكل. أخرجه أبو داود (3819) وحسنه الألباني.
وأخرج أحمد والبزار عن ابن عباس: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بجبنة في غزاة فقال: أين صنعت هذه؟ فقالوا: بفارس، ونحن نرى أنه تجعل فيها ميتة. فقال: اطعنوا فيها بالسكين واذكروا اسم الله وكلوا. مسند أحمد (1/ 302) وحسنه المحققون.
وعليه؛ فإن جميع هذه المشروبات الغازية مثل " البيبسي كولا " و " السفن آب " و " الكوكا كولا " وغيرها .. هي من المشروبات الطيبة التي أباحها الله لنا رغم أن موادها الأولية قد أذيبت بشيء يسير من الكحول. والله أعلم.
وفي كتاب الأطعمة من الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت، تحت عنوان " الغازوزة " ما يلي:
" هي شراب حلو فيه قليل من الزيوت العطرية، مشبع بغاز ثاني أوكسيد الكربون تحت ضغط أعلى من الضغط الجوي، وقد تضاف إليه مواد أخرى تكسبه لونا أو طعما خاصا ..
والزيوت العطرية الداخلة في صناعتها لا تمتزج بباقي موادها إلا إذا حلت بإضافة جزء من الغول (الكحول) إليها .. والغول مسكر، بل هو روح المسكرات كلها، فهو نجس عند الجمهور، وبه يتنجس الزيت والغازوزة فيحرم شربها.
هذا ما يبدو ولأول وهلة. لكن إذا أمعنا النظر أمكننا أن نقول: إن إضافة الغول إنما هي للإصلاح فشأنها شأن إذابة الأنفحة النجسة إلى اللبن ليصير جبنا. وقد قالوا: إن الأنفحة لا تنجس اللبن بل يعفى عنها.
هذا إذا قلنا إن الغول نجس، فإن قلنا إنه طاهر كما قال الشوكاني، وكما اختارته لجنة الفتوى في الأزهر فلا إشكال. والله أعلم " انتهى.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: أ - ما حكم الإسلام في أكل السمن الهولندي؟
ب - ما حكم الإسلام في أكل الفسيخ والسردين؟
ج - ما حكم الإسلام في شرب المشروبات المثلجة مثل: " البيبسي "، و" سبورت كولا " مثلا.
فأجابوا:
"أ - الأصل في أنواع السمن الإباحة، حتى يثبت ما ينقل عنها، ولم نعلم حتى الآن ما ينقل عنها فتبقى على الأصل.
ب - الفسيخ والسردين أصلهما السمك، والسمك حلال أكله ولو ميتة؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما سئل عن ماء البحر: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته)
فأكلهما إذن حلال.
ج - كل ما ذكرته حلال شربه ما دام لا يسكر كثيرة " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (22/ 314).
وسئلوا أيضا (22/ 262):
يثار كثير من الإشاعات عن السمن المستورد و " البيبسي "، فكثيرا ما يسمع أن " البيبسي " والسمن تضاف إليه أشياء محرمة.
فأجابوا:
" أما ما يختص بالسمن المستورد و " البيبسي " فلم يتبين لنا فيها ما يقتضي التحريم؛ لأن الأصل في الأشياء الحل حتى يتبين ما يوجب الحرمة، لكن من حصل في نفسه ما يريبه فليدعه إلى ما لا يريبه؛ للحديث الوارد في ذلك.
وقد كتبنا لوزارة التجارة بخصوص ما قيل عن السمن المستورد، فأجابت بأنه خال مما يشاع عنه من خلطه بمحرم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا للفقه في دينه " انتهى.
وانظر جواب السؤال رقم (22013 ( http://www.islamqa.com/ar/ref/22013)) .
والله أعلم.
المصدر: الإسلام سؤال وجواب / حكم المشروبات الغازية ( http://www.islam-qa.com/ar/ref/102749/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A8%D8%B3%D9%8A)
¥