تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[جدال وقتال]

ـ[محمد جلال القصاص]ــــــــ[31 - 07 - 08, 11:29 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

جدالٌ وقتال

بقلم / محمد جلال القصاص

القرآن العظيم يحدثنا بأن مجتمع الكافرين في كل العصور فريقان، مستكبرون وهم (الملأ) ومستضعفون وهم (العامة) أو (الجماهير) في لغة مثقفي اليوم، ويحدثنا القرآن العظيم بأن (الملأ) يعرفون الحق وهم له منكرون، وأن عداوتهم لا تتعلق بماهية الشريعة، فهم يعرفونها جيداً قال تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [النمل: 14]، وقال تعالى: {وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ. بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ} [البقرة: 89 ـ 90]

فالتكذيب أصله الظلم والعدوان .. البغي والحسد، وليس الجهل.

وعند التدقيق نجد أن النزاع بين الشريعة (على لسان الرسل .. كل الرسل) وبين (الملأ) القائمين على المجتمعات الجاهلية يتعلق بالسيادة، تكون لمن؟، لله في صورة الشريعة؟ أم لهم في صورة النظام القائم الذي تسعى الشريعة لتغيره؟

على هذا يكون الصراع بين المهتدين والضالين. {قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ} [يونس: 78] فالكبرياء هنا تعني السلطان كما يقول الطبري وابن كثير في تفسيرهما للآية.والشواهد على هذا كثيرة من السيرة النبوية ولا أحسب أن أحداً ينازع في هذا. فكل رسولٍ أرسله الله لقوم كذبوه {كُلَّ مَا جَاء أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ} [المؤمنون: من الآية44]، وبدهي أن تكذيب المرسلين خلل في الضالين المكذبين وليس في خطاب ولا في شخص المرسلين.

والقرآن يحدثنا بأن الذين كفروا .. الملأ منهم خاصة يواجهون الدعوة الإسلامية بطريقتين جدال وقتال {وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُوَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} [غافر: 5]، كل الأمم تجادل وتقاتل، قريش كانت شديدة الجدال كما كانت شديدة القتال، تجادل في الأحكام (تحريم الميتة مثلا)، وتجادل في الأخبار (البعث بعد الموت مثلاً)، وتجادل في المعجزات (الإسراء والمعراج مثلا)، وكانت تقاتل أشد القتال، ويهودتجادل وتقاتل، والعلمانية تجادل وتقاتل، والنصرانية تجادل وتقاتل، وعباد الشجروالحجر والبقر في الهند والصين يجادلون ويقاتلون، كلهم يجادلونويقاتلون كما أخبر خالقهم سبحانه وتعالى.

والقرآن يحدثنا بأنهم في جدالهم يمكرون .. يكيدون قال تعالى: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً}] الطارق: 15]، ولا حظ تأكيد الفعل بالمفعول المطلق ويكيدون كيدا تعني (يمكرون بالناس في دعوتهم إلى خلاف القرآن) كما يقول ابن كثير في تفسيره للآية، وقال تعالى: {وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَمَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم: 46] وقال تعالى: {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ} [الفيل: 2]، والكيد والمكر يعني الخداع، يعني التدبير في الخفاء، يعني إظهار شيء واستبطان شيءآخر، وما أفهمه أن الكافرين وخاصة اليهود، وهم الذين يحركون الكفر كله اليوم، يمدونالجسور مع المنافقين، يثيرون بهم الشبهات والشهوات داخل الصف الإسلامي فهم إخوانكما قال الله {أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوايَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} [الحشر: 11].

ومكرهم وخداعهم يكون على قومهم وعلينا، على قومهم بقلب الحقائق لهم، وافتعال الشبهات لصدهم عن دين الله وتثبيتهم على الكفر بربهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير