تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الكلام السابق الذي ذكرته لا أعني به أي تنقص للشيخ المنجد حفظه الله ورعاه، فأنا أحبه وأعرف قدره وفضله ويعجبني منهجه السليم المتميز بالعقيدة الصحيحة والحرص على تقديم ماينفع الناس وتجنب الخرافات والقصص الممجوجة والأخبار غير الثابتة، والعناية بصحة المعلومة التي يقدمها للناس، وهذا منهج لا يتوافر في كثير من دعاة الساحة، وأما ماذكرته في الوقفة السابقة فلايعارض سلامة مايقدمه للناس، وكونه يساعد ويعاون في ذلك فلا أرى في هذا حرجا مادام العمل يخرج صحيحا متقنا نافعا مالم ينسب إلى نفسه جهود الآخرين.

لكن بعض المشاركين في الموضوع أساء فهم ماذكرته وحمله على غير وجهه، وتذكرت مانقلته في موضوع (ملتقى أهل الحديث بين المتقدمين والمبتدئين)، وهو " قول ابن مسعود رضي الله عنه: ما أنت بمحدث قوما حديثا لاتبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة، قال ابن وهب: وذلك أن يتأولوه غير تأويله ويحملوه إلى غير وجهه، وقد قلت هناك: وهذا شيء شاهدناه في هذا الملتقى فمثلا رأينا من يطرح موضوعا ينبه فيه على بعض الأخطاء العلمية في الكتب ونحوها، فيدخل فيه المبتدئ ولايستفيد منه شيئا، وإنما يفهم من الموضوع ما لا يفهم منه فيشكك في نية كاتبه تصريحا أو تلميحا، ويتهمه بالغيبة. ومثل هذا حدث للأئمة السابقين، فقد دخل يوسف ابن الحسين الرازي الصوفي على ابن أبي حاتم، وعاب عليه تصنيفه كتاب الجرح والتعديل، وقال له: استحييت لك ياأبامحمد، كم من هؤلاء القوم حطوا رواحلهم في الجنة منذ مائة سنة ومائتي سنة، وأنت تذكرهم وتغتابهم على أديم الأرض " إلى آخر ماذكرته هناك. وهذا ماحدث في موضوع (قصة بروز الشيخ المنجد)، فحين ذكرت ماذكرته تأثر بعض الإخوة المشاركين، وعز عليهم أن أذكر شيئا أكسر به حدة المبالغة والغلو في الأشخاص، فأساءوا فهم ماذكرت، وقد نبه على هذا الأخ أبوياسر الجنوبي فقال في تعليقه يخاطبني: (ربما قد يفهم بعض الإخوة من كلامكم أنكم تقللون من شأن الشيخ المنجد .. وهذا بعيد عنكم إن شاء الله)، وقد صدق بارك الله فيه وجزاه خيرا، فمعاذ الله أن أقلل من شأن الشيخ المنجد أو غيره من دعاة أهل السنة والجماعة أصحاب المنهج السليم، والاعتقاد الصحيح، بل أحبهم جميعا وأعرف لهم قدرهم وفضلهم، وأدعو لهم بالخير والتوفيق، وأنصح لهم، ولكني لا أبالغ فيهم ولا أغلو فيهم؛ فهم أنفسهم لايرضون بذلك.

وأقول لمن أساء فهم ماذكرته، وحمله على التنقص من الشيخ المنجد: هل ماذكرته عن الشيخ وطريقته شيء يعاب به فاعله أو لا؟ فإن كان ممايعاب به فاعله - وهذا مايدل عليه حملكم ذكره على التنقص – فهذه هي الحقيقة، فعليكم أن تجدوا مخرجا لها، فهذه مشكلتكم، فإما أن تكذبوا الواقع، وإما أن تؤولوا القصة بأي نوع من التأويل، مع العلم بأن الأمجاد التي تبنى على الأكاذيب سرعان ماتزول وتتلاشى.

وإن كان ماذكرته مما لايعاب به فاعله – وهذا ماأعتقده بشرط ألا ينسب جهود الآخرين إلى نفسه – فلا لوم علي ولاعتب؛ لأنني لم أذكر مايعيب الشيخ عندي وعند غيري من أهل الإنصاف. وهذا ملتقى خاص بطلبة العلم وليس للعوام، فالشأن في أعضائه أن يحسنوا الفهم ولايسيئوا الظن بإخوانهم.

الوقفة الثالثة

المبالغون في الأشخاص يغفلون في أحيان كثيرة عما تسببه مبالغاتهم من إساءة إلى الشخص نفسه أو غيره، فهم ينظرون إلى الموضوع من زاوية يرونها تحقق تعظيما للشخص، ويغفلون عن زاوية أخرى في الموضوع تحقق إساءة للشخص أو غيره. ومثال ذلك ماذكر عن الوليد بن مسلم أنه كان يأتي إلى أحاديث الأَوزاعِيّ عن الكذابين والضعفاء عن الثقات، فيروي الحديث عن الأوزاعي عن الثقات، ويسقط من بين الأوزاعي والثقات من الكذابين والضعفاء، ولما سئل عن سبب إسقاطه لأولئك قال: أنبل الأَوزاعِيّ أن يروي عن مثل هؤلاء. فأنكر عليه الهيثم بن خارجة، وذكر له أنه بهذا يفسد حديث الأوزاعي، وقال له: فإذا روى الأَوزاعِيّ عن هؤلاء، وهؤلاء ضعفاء، أحاديث مناكير، فأسقطتهم أنت، وصيرتها من رواية الأَوزاعِيّ عن الثقات، ضُعِّف الأَوزاعِيّ.

قال: فلم يلتفت إلى قولي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير