أقول: والذي نفسي بيده ليس في ذلك عجب، فليس المنجد أفضل من ابن عمر ولا أعلم منه، وقد قال حين سئل عن مسألة: لاعلم لي بها. وليس المنجد أعلم من مالك، وقد جاءه رجل فقال له: يا أبا عبد الله، جئتك من مسيرة ستة أشهر، حملني أهل بلدي مسألة أسألك عنها قال: فسل، فسأله الرجل عن المسألة، فقال: لا أحسنها. فبهت الرجل كأنه قد جاء إلى من يعلم كل شيء فقال: أي شيء أقول لأهل بلدي إذا رجعت إليهم؟ قال: تقول لهم: قال مالك: لا أحسن. قال ابن وهب: وكنت أسمعه كثيرا ما يقول: لا أدري. وقال في موضع آخر: لو كتبنا عن مالك "لا أدري" لملأنا الألواح. قال ابن وهب: وسمعت مالكا، وذكر قول القاسم ابن محمد: لأن يعيش الرجل جاهلا خير من أن يقول على الله مالا يعلم، ثم قال: هذا أبو بكر الصديق وقد خصه الله بما خصه به من الفضل يقول: لا أدري. وقال ابن وهب: وحدثني مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إمام المسلمين وسيد العالمين يسأل عن الشيء فلا يجيب حتى يأتيه الوحي.
(جامع بيان العلم وفضله 2/ 838).
وأخبار من سئل من علماء الأمة من الصحابة إلى يومنا هذا عن مسألة فقال: "لاأدري"، أكثر من أن تحصى، فهل يتعجب بعد ذلك من أن يقول الشيخ المنجد: لاأدري؟!
فقول القصيمي عفا الله عنه " وحمل اعتراضه على العجز باطل حسا وعقلا " غلو شديد أسأل الله أن يغفره له، فالمنجد يعجز، وابن باز يعجز، وابن تيمية يعجز، ومالك يعجز، وابن المسيب يعجز، وأبوبكر يعجز، ومامن بشر غير معصوم إلا ويعجز عن جواب بعض المسائل مهما بلغ علمه، وهذا واقع حسا، وجائز عقلا.
قال ابن عبدالبر: وليس بنكير أن يكون عمر بن عبدالعزيز خفي عليه حديث نزول جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم بمواقيت الصلاة، وقد خفي ذلك عن المغيرة بن شعبة وله صحبة. وأخبار الآحاد عند العلماء من علم الخاصة لا ينكر على أحد جهل بعضها، والإحاطة بها ممتنعة، وما أعلم أحدا من أئمة الأمصار مع بحثهم وجمعهم إلا وقد فاته شيء من السنن المروية من طريق الآحاد، وحسبك بعمر بن الخطاب فقد فاته من هذا الضرب أحاديث فيها سنن ذوات عدد من رواية مالك في الموطأ ومن رواية غيره أيضا، وليس ذلك بضار له ولا ناقص من منزلته،وكذلك سائر الأئمة لا يقدح في أمانتهم ما فاتهم من إحصاء السنن إذ ذاك يسير في جنب كثير ولو لم يجز للعالم أن يفتي ولا أن يتكلم في العلم حتى يحيط بجميع السنن ما جاز ذلك لأحد أبدا، وإذا علم العالم أعظم السنن، وكان ذا فهم ومعرفة بالقرآن واختلاف من قبله من العلماء جاز له القول بالفتوى وبالله التوفيق.
(التمهيد 8/ 68)
وقال أيضا: وليس أحد من الصحابة إلا وقد فاته من الحديث ما أحصاه غيره، والإحاطة ممتنعة، وهذا ما لا يجهله إلا من لا عناية له بالعلم (التمهيد 8/ 135).
وقال الإمام ابن تيمية: الإحاطة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن لأحد من الأمة ....
وأما إحاطة واحد بجميع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا لا يمكن ادعاؤه قط (مجموع الفتاوى 20/ 233).
هذا ماأردت التنبيه عليه، وأرجو من الإخوة جميعا المعذرة إن كان في بعض عباراتي شيء من القسوة على أحد منهم، وأشكرهم جميعا، وأخص بمزيد من الشكر الأخ الكريم الشيخ المسيطير على حسن خلقه وتواضعه وإشارته علي بكتابة توضيح لهذا الموضوع بارك الله فيه وجزاه خيرا. وأسأل الله تعالى أن يغفر لنا جميعا وللشيخ محمد المنجد هو وسائر الإخوة الذين يقفون معه أن يجزيهم جميعا خير الجزاء عما يقدمونه في خدمة الإسلام وأهله وأن يبارك في أعمارهم وأعمالهم وجهودهم، وأن يحفظهم من كل شر.
الخميس 28/ 7/1429 هـ
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[31 - 07 - 08, 12:29 م]ـ
أحسنت يا شيخ بساما، فقد أجدت وأفدت، ولا خير فينا إن لم نقبل الحق من كائن ما كان، فكيف وهو من أحد إخواننا طلبة العلم المشايخ؟!، فبارك الله فيكم وفيما تكتبون.
ـ[الديولي]ــــــــ[31 - 07 - 08, 12:34 م]ـ
أحسنت يا شيخ بساما، فقد أجدت وأفدت، ولا خير فينا إن لم نقبل الحق من كائن ما كان، فكيف وهو من أحد إخواننا طلبة العلم المشايخ؟!، فبارك الله فيكم وفيما تكتبون.
بارك الله فيك
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[31 - 07 - 08, 01:00 م]ـ
جزاك الله تعالى خير الجزاء أستاذنا الكريم على هذه اللفتة المهمة , ولا شك أنّ هذه الملاحظات لا تنقص أخانا المتميّز المسيطير بل تزيده , وكذلك الشيخ المنجد حفظه الله فلو لم يكن منه إلا الاقتراح والإشراف والمتابعة والاهتمام لكفاه في الأجر والمثوبة وهذه هي الغاية.
ـ[صخر]ــــــــ[31 - 07 - 08, 01:42 م]ـ
ماشاء الله شيء جميل .. تبارك الله
ـ[ماجد الحامد]ــــــــ[31 - 07 - 08, 02:39 م]ـ
جزاك الله خير يا شيخ بسام واحسن لك المثوبة
وما قلته حفظك الله هو مشكلة كثير من الطلبة والأتباع (المريدين) لبعض المشائخ
بل أن بعضهم يقدم قول بعض طلبة العلم على قول كبار العلماء والمشائخ وإذا قلت له اتق الله فهذا طالب علم صغير بالنسبة للشيخ اللحيدان أو الفوزان أو المفتى غضب وأخذ يتهمك بالتقليل من قدر الشيخ والتعريض به وذمه و0000و0000الخ بل ان بعضهم يقلل من شأن كبار العلماء شعر أم لم يشعر لأجل مدح شيخة والثناء عليه وهذه هي المصيبة (وأوضح مثال على ذلك الآن هو موضوع توسعة المسعى والتقليل من قدر كبار العلماء من الشيخ ابن ابراهيم رحمه الله إلى يومنا هذا بل وتجهيلهم من قبل بعض طلاب العلم الذين لم يسألوا عن الأمر اصلا فأصبحت البيانات تتوالى دون بحث بل مسايرة للصحفيين وامثالهم والله المستعان)
فجزاك الله خير ياشيخ بسام على ماقلت
وجزى الله الشيخ المنجد مثله على جهوده المشهوده وبارك فيه
¥