تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رائعةٌ من روائع الشيخ السديس عن كسوف الشمس , خذوها بقوةٍ وزيدونا رائعةً لغيره.

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[01 - 08 - 08, 10:58 ص]ـ

ملخص الخطبة

(سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم) , العبرة في الآيات الكونية – التدبر في خلق السماوات والأرض يُذكِّر الإنسان بقرب أجله – خطر عدم تدبر الآيات والاعتبار بها – الكسوف وما فيه من عبرة , وماذا يجب عند حدوثه – ثمرة التخويف بالآيات: المبادرة إلى التوبة والعمل الصالح – حال المؤمن والكافر عند الموت وفي القبر – التحذير من بعض الذنوب والمعاصي - الإخبار بزمن الكسوف ليس من علم الغيب – نظرة الإعلام إلى الكسوف وسبب ذلك


الخطبة الأولى

أما بعد:

فيا عباد الله إن الله عز وجل يري عباده في الآفاق ما من شأنه أن يذكرهم إن كانوا يؤمنون: سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شيء محيط ثم يلفت نظرنا إلى آياته في السماوات وفي الأرض لنتذكر بذلك قرب النهاية فنستعد للرحيل ونترك التسويف ونعلم قصر الدنيا مهما طالت وقرب الآخرة بانتهاء الأجل أو بقيام الساعة وإذا مات الإنسان فقد قامت قيامته حيث لا عمل ولا استدراك إنما هو الحساب في دار البرزخ ثم دار القرار: أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون ثم ينعى على من لم يتعظ بالآيات المبثوثة بالآفاق في قوله جل وعلا: من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون وفي السورة الأخرى يقول جل وعلا: قل انظروا ماذا في السماوات والأرض ثم ينعى على من لم يتعظ بهذه الآيات بقوله: وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون ثم يحذر سبحانه من أخذه الشديد بقوله جل وعلا بعدها مباشرة: فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننجِِ المؤمنين فكم لله من حكم في خلق السماوات والأرض ولكن كما قال: حكمة بالغة فما تغن النذر كم نذارة أرسلها الله على ألسنة رسله وكم نذارة بثها سبحانه في الآفاق ولكن كما قال جل وعلا: فما تغن النذر وإن من آخر النذر التي شهدناها جميعا كسوف الشمس أمس الأول فهل خفنا أم هل تبنا أم هل راجعنا حياتنا لنقيمها على ما يرضي ربنا سبحانه أناشدكم الله يا عباد الله هل اختلفت حياتنا قبل الكسوف عنها بعد الكسوف هل حسنا أحوالنا وراجعنا ربنا سبحانه وأقلعنا عن ذنوبنا صح عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن يخوف الله بهما عباده فإذا رأيتم شيئا من ذلك فافزعوا إلى ذكر الله وإلى الصلاة والدعاء والاستغفار)) [1] فهل استجبنا لتخويف ربنا لنا فخفنا ثم أدلجنا وقد صح عنه صلى لله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: ((من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا وإن سلعة الله غالية ألا وإن سلعة الله الجنة)) [2] أم صح علينا قول الله سبحانه – نعوذ بالله أن نكون كذلك -: فما تغن النذر إن إنسانا من البشر حين يتوعد ويزبد ويرعد ويهدد ويحدد يحسب له الناس ألف حساب ويصبح تهديده وتحديده حديث مجالسهم ومجال شوراهم وميدان اقتراحاتهم ونصائحهم فمن الذي خوفنا بالخسوف العظيم؟ ألا إنه رب العالمين ألا إنه إله الأولين والآخرين إلا إنه من يقول للشيء كن فيكون ومن بيده ملكوت السماوات والأرض وهو يجير ولا يجار عليه لا تخفى عليه منا خافيه يعلم سرنا كما يعلم علانيتنا: وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ألا إنه من يضع السماوات يوم القيامة على إصبع والأرض على إصبع والجبال على إصبع والشجر على إصبع والماء على إصبع والثرى على إصبع وسائر الخلق على إصبع ثم يهزهن ويقول: أنا الملك أنا الجبار أين الجبارون أين المتكبرون أين ملوك الأرض؟ [3] ألا إنه من عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو: ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير