تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فانظروا ـ يا رعاكم الله ـ إلى هذه المخلوقات الآنفة، إضافةً إلى الجبال الراسيات والأوتاد الشامخات، كيف تسبح بحمد الله، وتخشع له، وتشفق وتهبط من خشية الله، وهي التي خافت من ربها وخالقها إذ عرضَ عليها الأمانةَ فأشفقت من حملها، وكيف أنه تدكْدك الجبل لما تجلى ربنا لموسى عليه السلام، فهذه هي حال الجبال، وهي الحجارة الصلبة، وهذه رقتُها وخشيتها وتدكدُكُها من جلال ربها وعظمته، وقد أخبر الله أنه لو أنزل عليها القرآن لتصدعت من خشية الله.

فيا عجبا من مضغةِ لحم أقسى من صخر صلب، تسمعُ آيات الله تتلى عليها ثم تصرُّ مستكبرة كأن لم تسمعها، كأن في أذنيها وقرًا، فهي لا تلين ولا تخشع، ولا تهبط ولا تصدّع، ولو عظها لقمان أو تليت عليها آيات القرآن، ولكن صدق الله: أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى ?لأرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ ءاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ?لأَبْصَـ?رُ وَلَـ?كِن تَعْمَى? ?لْقُلُوبُ ?لَّتِى فِى ?لصُّدُورِ [الحج:46].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله إنه كان غفارًا.


[1] أخرجه أحمد (6/ 200) من حديث عائشة رضي الله عنها، وهو أيضا عند ابن راهويه في مسنده (1103)، والنسائي في المناسك (2831)، وابن ماجه في الزهد (3231)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (2616)، ويشهد له حديث أم شريك رضي الله عنها عند البخاري (3359).

[2] أخرجه البخاري في الرقاق (6512) من حديث أبي قتادة بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه، وهو أيضا عند مسلم في الجنائز (950).

[3] أخرجه الترمذي في العلم (2685) من طريق القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة رضي الله عنه، وقال: "حديث حسن غريب صحيح"، وهو أيضا عند الطبراني في الكبير (8/ 234)، وذكره الهيثمي في المجمع (1/ 124) وقال: "فيه القاسم أبو عبد الرحمن وثقه البخاري وضعفه أحمد". والحديث في صحيح الترغيب (81).

[4] أخرجه أحمد (2/ 486) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وهو أيضا عند أبي داود في الصلاة (1046)، والنسائي في الجمعة (1430)، وصححه ابن خزيمة (1727)، وابن حبان (2772)، والحاكم (1030)، والضياء في المختارة (396)، وهو في صحيح النسائي (1354).

[5] أخرجه أحمد (5/ 192)، وأبو داود في الأدب (5101) من حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، وهو أيضا عند النسائي في الكبرى (10782)، والطبراني في الأوسط (3620) والكبير (5/ 240)، وصححه ابن حبان (5731)، وكذا النووي في الأذكار، ورمز له السيوطي بالحسن، وجود إسناده العجلوني في الكشف (2/ 478)، وهو في صحيح الترغيب (2797).

[6] أخرجه أحمد (5/ 170) من حديث أبي ذر رضي الله عنه، وهو أيضا عند النسائي في الخيل (3579)، والبزار (3893)، والبيهقي (6/ 330)، وصححه الحاكم (2457، 2638)، وهو في صحيح الجامع (2414). وليس فيه أن النبي قال: ((إن هذا الفرس قد استجيب له دعوته)).

[7] أخرجه البخاري في الجهاد (3019) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[8] أخرجه ابن ماجه في المناسك (2921) من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، وهو أيضا عند الترمذي في الحج (828)، وصححه ابن خزيمة (2634)، والحاكم (1656)، وهو في صحيح الترغيب (1134).

[9] أخرجه البخاري في الجهاد (2926) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وهو أيضا عند مسلم في الفتن (2922) واللفظ له.

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه.

أما بعد: فيا أيها الناس، تكلّم ذئبٌ كلامًا عجيبًا إبانَ حياة النبي، كلاما يفيد بأن الذئب يؤمن بأن الرزق من عند الله، بل قد أمر هذا الذئب راعيَ الغنم بتقوى الله سبحانه، إضافةً إلى علم هذا الذئب بنبوة محمد ورسالته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير