وقد قال بجواز أخذ ما زاد على القبضة جمهور من أهل العلم منهم الإمام مالك والإمام أحمد وابن عبدالبر وابن تيمية وغيرهم وعندهم أن ما زاد على القبضة تحقق فيه الإعفاء والتوفير والإرخاء:
قال أبو الوليد الباجي في (المنتقى شرح الموطأ) (4/ 367): ((روى ابن القاسم عن مالك: لا بأس أن يؤخذ ما تطاير من اللحية وشذ، قيل لمالك: فإذا طالت جداً قال: أرى أن يؤخذ منها وتقص، وروي عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أنهما كانا يأخذان من اللحية ما فضل عن القبضة))
وقال ابن هانئ في مسائله (2/ 151): ((سألت أبا عبد الله عن الرجل يأخذ من عارضيه؟
قال: يأخذ من اللحية ما فضل عن القبضة، قلت: فحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى) قال: يأخذ من طولها ومن تحت حلقه، ورأيت أبا عبدالله يأخذ من عارضيه ومن تحت حلقه)) أ. هـ
وقال الخلال في كتاب (الوقوف والترجل) (ص129): ((أخبرني حرب قال: سئل أحمد عن الأخذ من اللحية؟
قال: إن ابن عمر يأخذ منها ما زاد على القبضة، وكأنه ذهب إليه، قلت ما الإعفاء: قال: يروى عن النبي صبى الله عليه وسلم، قال: كأن هذا عنده الإعفاء)) أ. هـ
و قال المرداوي في (الإنصاف) (1/ 121): ((ويعفي لحيته ... ولا يكره أخذ ما زاد على القبضة، ونصه -يعني أحمد- لا بأس بأخذ ذلك وأخذ ما تحت الحلق ... )) أ. هـ
وقال ابن بطال في شرح البخاري (9/ 147): ((قال عطاء: لا بأس أن يأخذ من لحيته الشيء القليل من طولها وعرضها إذا كثرت))
وقال الحافظ ابن عبد البر في (الاستذكار) (4/ 317): ((وفي أخذ ابن عمر من آخر لحيته في الحج دليل على جواز الأخذ من اللحية في غير الحج لأنه لو كان غير جائز ما جاز في الحج ... وابن عمر روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (وأعفوا اللحى) وهو أعلم بمعنى ما روى، فكان المعنى عنده وعند جمهور العلماء الأخذ من اللحية ما تطاير والله أعلم))
وقال شيخ الإسلام في (شرح العمدة) (1/ 236): ((وأما إعفاء اللحية فإنه يترك، ولو أخذ ما زاد على القبضة لم يكره، نص عليه كما تقدم عن ابن عمر، وكذلك أخذ ما تطاير منها)) أ. هـ
وقال الحافظ ابن حجر في (الفتح) (10/ 36): ((قلت: الذي يظهر أن ابن عمر كان لا يخص هذا التخصيص بالنسك بل كان يحمل الأمر بالإعفاء على غير الحالة التي تتشوه فيها الصورة بإفراط طول شعر اللحية أو عرضه)) ا. هـ
وفي حاشية ابن عابدين (2/ 459): ((لا بأس بأخذ أطراف اللحية إذا طالت)) أ. هـ
وقال الغزالي في (الإحياء) (1/ 143): ((وقد اختلفوا فيما طال منها فقيل إن قبض الرجل على لحيته وأخذ ما فضل عن القبضة فلا بأس فقد فعله ابن عمر وجماعة من التابعين واستحسنه الشعبي وابن سيرين وكرهه الحسن وقتادة وقالا: تركها عافية أحب لقوله صلى الله عليه وسلم: ((أعفوا اللحى)) والأمر في هذا قريب إن لم ينته إلى تقصيص اللحية وتدويرها من الجوانب)) أ. هـ
وقال العراقي في (طرح التثريب) (2/ 49): (إعفاء اللحية، وهو توفير شعرها وتكثيره وأنه لا يأخذ منه كالشارب، من عفا الشيء إذا كثر وزاد ... واستدل به الجمهور على أن الأولى ترك اللحية على حالها وأن لا يقطع منها شيء))
وقال ابن الهمام في (فتح القدير) (2/ 270): ((يحمل الإعفاء على إعفائها من أن يأخذ غالبها أو كلها كما هو فعل مجوس الأعاجم ... فيقع بذلك الجمع بين الروايات)) أ. هـ
وأقوال أهل العلم في جواز الأخذ مما زاد على القبضة كثيرة جداً، ولم يأت عن أحد من الصحابة ولا من التابعين فيما أعلم تحريم ذلك.
واستحسن بعض العلماء قص ما زاد على القبضة وقالوا بالاستحباب والسنية وهذا بعيد، فقد جاء في (البحر الرائق) (3/ 12): ((قال أصحابنا: الإعفاء تركها حتى تكث وتكثر , والقص سنة فيها، وهو أن يقبض الرجل لحيته, فما زاد منها على قبضة قطعها، كذلك ذكر محمد في كتاب (الآثار) عن أبي حنيفة قال: وبه نأخذ)) أ. هـ
وقال القرطبي في (المفهم) (1/ 512): ((ولا يجوز حلق اللحية ولا نتفها ولا قص الكثير منها , فأما أخذ ما تطاير منها وما يشوه ويدعو إلى الشهرة طولا وعرضا فحسن عند مالك وغيره من السلف)) أ. هـ
وقال القاضي عياض في (إكمال المعلم) (2/ 36): ((وأما الأخذ من طولها وعرضها فحسن)) ا. هـ
ومن العلماء من ذهب إلى المنع من الأخذ مطلقا:
¥