تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن الصوم مدرسة لأعظم الأشياء وأعزها وأكرمها عند الله وهو الإخلاص، ثلاثون أو تسع وعشرون يوما يصومه العبد لكي يتعلم كيف يعامل الله U ، لكي يتعلم كيف يكون عبدا لله لا لأحد سواه، ثلاثون أو تسع وعشرون يوما يعيشها المؤمن لكي يحقق معنى لا إله إلا الله، تنقل من الغش والكذب والنفاق والرياء لكي يعامل الله وحده، أليس باستطاعته أن يتوارى عن الناس فيأكل ويشرب، نعم باستطاعته أن يفعل ذلك، ولكن كلما حدثته النفس الأمارة بالسوء أن يفعل ذلك ناداها نداءً صادقا إني أخاف الله رب العالمين.

تعلمه هذه الأيام أن يترك الرياء، أن يترك النفاق، أن يترك الغش والكذب، وأن يخلص لوجه ربه.

ثلاثون أو تسع وعشرون يوما تمر على العبد تهذب أخلاقه، وتقوم سبيله، وتصحح طريقه لله – Y- ، فهو إذا امتنع من الأكل والشرب والشهوة في شيء أحله الله له، إذا امتنع من الأكل والشرب في شيء ملّكه الله إياه حلالا طيبا حري به أن لا يأكل الحرام، وحري به أن لا يمد يده إلى ما حرّمه الله عليه، فمن ترك طعامه لوجه الله وهو قادر على أن يطعم حريٌّ به أن يترك طعام غيره فلا يأكل أموال اليتامى، ولا يأكل أموال الأرامل والثكالى، ولا يأكل الربا، ولا يأكل الأمور المحرمة عليه، وإذا امتنع عن شرابه الطيب المباح حري به أن لا يقذف في جوفه شرابا حرّمه الله عليه، وحري به أن لا يضع في فمه لقمة إلا وهو يضع الجنة والنار بين عينيه، لكي يعلم هل هي حلال فيأكلها أو حرام فيجتنبها.

((يدع طعامه وشرابه من أجلي)): تجوع الأمعاء وتظمأ الأحشاء في مرضاة الله – Y-، تمر على الإنسان ساعات النهار لكي تذكّره بالأكباد الجائعة، وبالأحشاء الظامئة، إنها تذكرك بجروح المسلمين وآلامهم وأسقامهم وكوارثهم، تذكّره بالضعفاء والبؤساء والفقراء والمعوزين والمنكوبين، فيا له من شهر يذكّر بفجائع المسلمين، ويذكّر بجراحاتهم وآلامهم حينما يحرّك النفس المؤمنة المطمئنة أن تتذكّر حال إخوانها ممن لا يملك قليلا ولا كثيرا، ولذلك لا يلبث المسلم إذا كان صادقاً في إسلامه، ولا يلبث المسلم إذا كان قويا في إيمانه إلا أن يتفطر قلبه وفؤاده على كل مؤمن تراه في نكبة، لأنها تتحرك في قلبه بواعث الرحمة، ولذلك يقول r كما في الصحيح: ((إذا دخل رمضان فتحت أبواب الرحمة)) ولا يرحم الله من عباده إلا الرحماء كما في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام، فتحت أبواب الرحمة فيتراحم المسلمون، يرحم الأغنياء الفقراء، ويرحم الأقوياء الضعفاء.

يتذكّر المسلم في تلك الأيام الطيبة حاجة إخوانه، من الناس من إذا جاع في أيام رمضان الأول لا يتمالك أن يأخذ من حُرّ ماله ما يكف به النار عن وجهه يوم القيامة.

من الناس من إذا طرقه رمضان حرّكه لكي يكفكف دموع اليتامى، ويجبر قلوب الأرامل والثكالى، لا يتمالك نفسه، ويدل على ذلك حديث ابن عباس –رضي الله عنهما- في الصحيح قال t : (( كان رسول الله – r- - وإذا قال الصحابي كان رسول الله – r- فقد صدق وبر، وإذا قال قال رسول الله – r- فقد صدق وبر فهنيئا لعين رأت وهنيئا لأذن سمعت، وهنيئا لألسن تكلمت ونطقت - كان رسول الله – r- تدل على الدوام والاستمرار، وأنه أكثر من شهر من رمضان، وأنه كان شأنه وحاله في رمضان كذلك، كان رسول الله – r- في رمضان أجود بالخير من الريح المرسلة)) r ما سئل شيئا إلا أعطاه، يقول: يا أبا ذر، أترى أحدا –انظر إلى جبل أحد أكثر من أربع كيلو مترات- أتُرى أحدا فنظر إلى أحد قال: ما أحب أن لي مثل أحد ذهبا تمسي علي ثالثة أو رابعة وعندي منه دينار أو درهم - صلوات الله وسلامه عليه - يقول ابن عباس –رضي الله عنهما-: ((كان رسول الله – r- أجود بالخير من الريح المرسلة وكان أجود ما يكون إذا كان في رمضان)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير