تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[22 - 08 - 08, 08:45 م]ـ

أخي نضال بارك الله فيك، ما فيه أهل فلسطين نصرهم الله من شدة وتكالب من القريب والبعيد عليهم يدعو إلى مزيد من التقرب إلى الله والثبات على الحق حتى يتنزل النصر ويأتي العون من الله، ومن ينتقد مواقف إخواننا في حركة حماس أو غيرها إنما ينتقدها لحرصه على إبعادها عن أسباب الخذلان التي يأتيها العبد ويظن أنه يحسن صنعا بتأويلات شتى، ولكن مهما كانت تأويلاته فإن الله إنما ضمن النصر وتكفل به لمن قام بدينه المنزل من عنده لا التأويلات ولا الترخصات ولا السياسات المخالفة للسياسة الشرعية، وسوف أنقل كلاما يكتب بماء الذهب للإمام ابن القيم رحمه الله ينبغي على كل من يعمل للدين أن يقف عنده ويتأمله،

يقول رحمه الله في إغاثة اللهفان:"فإنه من المعلوم: أن العبد وإن آمن بالآخرة فإنه طالب في الدنيا لما لا بد له منه: من جلب النفع ودفع الضر بما يعتقد أنه مستحب أو واجب أو مباح فإذا اعتقد أن الدين الحق واتباع الهدى والاستقامة على التوحيد ومتابعة السنة ينافي ذلك وأنه يعادي جميع أهل الأرض ويتعرض لما لا يقدر عليه من البلاء وفوات حظوظه ومنافعه العاجلة لزم من ذلك إعراضه عن الرغبة في كمال دينه وتجرده لله ورسوله فيعرض قلبه عن حال السابقين المقربين بل قد يعرض عن حال المقتصدين أصحاب اليمين بل قد يدخل مع الظالمين بل مع المنافقين وإن لم يكن هذا في أصل الدين كان في كثير من فروعه وأعماله كما قال النبي a بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسى كافرا ويصبح مؤمنا يبيع دينه بعرض من الدنيا

وذلك أنه إذا اعتقد أن الدين الكامل لا يحصل إلا بفساد دنياه من حصول ضرر لا يحتمله وفوات منفعة لا بد له منها لم يقدم على احتمال هذا الضرر ولا تفويت تلك المنفعة

فسبحان الله كم صدت هذه الفتنة الكثير من الخلق بل أكثرهم عن القيام بحقيقة الدين وأصلها ناشىء من جهلين كبيرين: جهل بحقيقة الدين وجهل بحقيقة النعيم الذي هو غاية مطلوب النفوس وكمالها وبه ابتهاجها والتذاذها فيتولد من بين هذين الجهلين إعراضه عن القيام بحقيقة الدين وعن طلب حقيقة النعيم

ومعلوم أن كمال العبد هو بأن يكون عارفا بالنعيم الذي يطلبه والعمل الذي يوصل إليه وأن يكون مع ذلك فيه إرادة جازمة لذلك العمل ومحبة صادقة لذلك النعيم وإلا فالعلم بالمطلوب وطريقه لا يحصله إن لم يقترن بذلك العمل والإرادة الجازمة لا توجب وجود المراد إلا إذا لازمها الصبر فصارت سعادة العبد وكمال لذته ونعيمه موقوفا على هذه المقامات الخمسة: علمه بالنعيم المطلوب ومحبته له وعلمه بالطريق الموصل إليه وعلمه به وصبره على ذلك

قال الله تعالى والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر

والمقصود أن المقدمتين اللتين تثبت عليهما هذه الفتنه أصلهما الجهل بأمر الله ودينه وبوعده ووعيده فإن العبد إذا اعتقد أنه قائم بالدين الحق فقد اعتقد أنه قد قام بفعل المأمور باطنا وظاهرا وترك المحظور باطنا وظاهرا وهذا من جهله بالدين الحق وما لله عليه وما هو المراد منه فهو جاهل بحق الله عليه جاهل بما معه من الدين قدرا ونوعا وصفة وإذا اعتقد أن صاحب الحق لا ينصره الله تعالى في الدنيا والآخرة بل قد تكون العاقبة في الدنيا للكفار والمنافقين على المؤمنين وللفجار الظالمين على الأبرار المتقين فهذا من جهله بوعد الله تعالى ووعيده

فأما المقام الأول: فإن العبد كثيرا ما يترك واجبات لا يعلم بها ولا بوجوبها فيكون مقصرا في العلم وكثيرا ما يتركها بعد العلم بها وبوجوبها إما كسلا وتهاونا وإما لنوع تأويل باطل أو تقليد أو لظنه أنه مشتغل بما هو أوجب منها أو لغير ذلك فواجبات القلوب أشد وجوبا من واجبات الأبدان وآكد منها وكأنها ليست واجبات الدين عند كثير من الناس بل هي من باب الفضائل والمستحبات

فتراه يتحرج من ترك فرض أو من ترك واجب من واجبات البدن وقد ترك ما هو أهم من واجبات القلوب وأفرضها ويتحرج من فعل أدنى المحرمات وقد ارتكب من محرمات القلوب ما هو أشد تحريما وأعظم إثما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير