تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يقول ـ الشيخ الدكتور عبد الله عزام ـ رحمه الله في حديثه عن الاتجاهات اليسارية في حركة تحرير فلسطين وما يقومون به من دور خبيث في قتل وقمع المسلمين من أبناء فلسطين في داخل منظمة التحرير الفلسطينية، حيث يقول: " وأُقرّ أني طُلِبتُ لمحاكمة عسكرية لأنني انتقدت جيفارا ... " ويقول رحمه الله كذلك في موقف آخر: " لتبجُّح أهل الباطل وانتفاشهم وانتفاخهم أن عدد المسلمين كان قليلاً في منظمة فتح. ولقد كانت المنظمات اليسارية تسبُّ الله ورسوله عمداً أمامنا ليغيظونا، فكانت كلمة السرّ في الليل أثناء الحراسة شتم الله أو النبي أو الدين ". والسؤال هنا للشيخ عبد الله عزام رحمه الله ومن معه: لماذا دخلتم في هذا النهج والخط وتعاونتم معه سنين طويلة، وقدّمتم له الدعم الكبير؟!

ويذكر الشيخ عبد الله عزام بعض الأسماء التي برزت في فلسطين في الحزب الشيوعي، ونعيد بعض ما يرويه هنا للذكرى والعبرة والتأمل، ولمراجعة حساباتنا ومسيرتنا ومواثيقنا: " وأبرزت اليهودية الشيوعية " إميل توما " سكرتيراً لنقابة العمل الشيوعية في حيفا و " إميل حبيبي " سكرتيراً لها في الناصرة، و" فؤاد نصر " سكرتيراً لها في يافا. وكان الجميع يطالبون بإقامة دولة لليهود في فلسطين. وكان محمود درويش وسميح القاسم يحملان العلم اليهودي الإسرائيلي في مؤتمر صوفيا الدولي! وكان هؤلاء كلهم يقولون عن اليهود " شعب له حق الحياة كما لنا حق الحياة "! وأقول أيضاً هذا ما نصّ عليه صلاح خلف في كتابه " فلسطيني بلا هوية ". وهذا ما ردّده كثير من الفلسطينيين والعرب. فلماذا كان القتال إذن؟! وهنا أعيد السؤال نفسه للشيخ ولجميع المسلمين الذين غذّوا هذا النهج ودعموه وأيدوه، لماذا؟!

لاشك أنها تجربة مرَّة في غاية المرارة. فهل نقل عبد الله عزام رحمه الله تجربته هذه إلى المسلمين؟! وهو لم يخض هذه التجربة وحده، فلقد خاضها أعداد تحطَّمت أحلامهم على نتائج هذه التجربة. ولكنها تظل تجربة غنية تعلّم المسلم معنى التعاون الذي يجيزه الإسلام والذي لا يجيزه. تعلَّمه معنى الولاء بين المؤمنين. فقد خضع هذا النَّفر من المؤمنين لنظام منظمة التحرير، وقسوته عليهم وإذلاله لهم، بينما لم يتحَّمل المؤمنون بعضهم بعضاً، فدنا عدوُّ ونأى صديق. واختلطت الشعارات والمبادئ والموازين، واضطرب صفُّ المؤمنين في صراع وخصام وتمزّق.

تُعلّمنا هذه التجربة أن محمود درويش ورفاقه عَمِيتْ أَبْصارهم عن رؤية الحقيقة حين قالوا عن اليهود إنه شعب له حق الحياة كما لنا حق الحياة، عَمِيَتْ أبصارهم عن رؤية الحقيقة مِنْ أنَّ اليهود أَخذوا ونالوا حقَّ الحياة في أَرض ليست لهم، وأننا نحن خسرنا وحُرمنا حقَّ الحياة في أرض هي لنا. والذي يثير العجب والذهول أن يردّد هذا الكلام الذي يقوله محمود درويش ورفاقه آخرون، ويؤمن به آخرون دون أَن يعلنوه، من الذين يعطفون على اليهود وحقِّ اليهود، وهم ينتسبون لنا، ويتظاهرون بأنهم يعرفون مأساتنا ومعاناتنا وهول الظلم الواقع علينا. ولكن هذه التصريحات لا تحمل إلا العطف على اليهود المعتدين، وإلا تأييد الظالمين، وإلا تجاهل ما يقع علينا. وأعجب من ذلك أنَّ بعض الدعاة المسلمين أخذوا يُمجِّدون محمود درويش وأمثاله في مجالسهم وفي مجلاتهم الأدبيَّة قبل هلاكه وبعد هلاكه! (1)

ويقول محمود درويش، كما يذكر عبد الله عزام في كتابه حماس: " ... وفي سنة 1961م دخلت الحزب الشيوعي، فتحدَّدت معالم طريقي ". فلا عجب أَن تسمعه شاعراً تتغنّى به الصُّحُف العربيّة وهو يقول شعره: " نامي فعين الله نائمة عنا وأسرار الشحارير. " (2)

من هذه المقتطفات والنصوص، ومن هذه المواقف والأحداث، ومن هذه العلاقات والارتباطات، يدرك كلُّ مسلم عرف دينه إيماناً وعلماً، أَن العلاقات لم يكن ينظّمها " التوحيد " بقواعده وأسسه، ولم يكن يضبطها ويوجهها، وظلت العلاقات الشخصية تبرز في إطار واضح على شكل ما يسميه بعضهم بالأحلاف الوطنية، الأحلاف التي أَصبح للمسلمين تجارب كثيرة مريرة فيها، تجارب لم يكن يستفيد منها إلا الفكر اليساري وحده. قد نعلن أَن ولاءنا لله، ولكننا في واقع الممارسة يضطرب الميزان في أيدينا، فلا يعود التوحيد والإيمان وقواعدهما هي التي تحدِّد الولاءات

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير