تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ليلة النصف من شعبان،" خطبة جمعة مفرغة"]

ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[16 - 08 - 08, 02:06 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الخطبة الأولى

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما عبد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ثم أما بعد:

أيها المؤمنون اتقوا الله تعالى وراقبوه في جميع تصرفاتكم فالسعيد من حقق درجة الإحسان بدوام استحضار اطلاع الله عز وجل عليه فيعبد الله كأنه يرى الله أمامه فإن لم يستحضر ذلك فليعلم بأن الله تعالى يراه وهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور من عباده لا يخفى عليه شيء من أحوالهم كما قال تعالى: (و مَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (يونس:61) وقال عز وجل: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ. الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ. وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ. إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (الشعراء:220) فكيف يتجرأ على محارم الله من يعلم أن الله سبحانه وتعالى يعلم كل ما يصدر منه من خيٍر أو شر.…

…أيها المؤمنون! لقد ورد في ليلة النصف من شعبان من طرق كثيرة أحاديثُ صححَّها أهلُ العلم فمن هذه الأحاديث: ما ورد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يطَّلعُ اللهُ إلى جميع خلقِهِ ليلةَ النصف من شعبان، فيغفرُ لجميع خلقِهِ إلا لمشرك أو مشاحن) [رواه الطبراني في الأوسط وابن حبان في صحيحه والبيهقي وغيره وهو في صحيح الترغيب: 3/ 53)]

وعن أبي ثعلبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يطَّلعُ اللهُ إلى عباده ليلةَ النصف من شعبان، فيغفرُ للمؤمنين، ويُمهِلُ الكافرين، ويدعُ أهلَ الحقد بحقدِهم حتى يدعوه) [رواه الطبراني والبيهقي (الترغيب / 3 – 54)] وهو حديث صحيح أيضاً. فهذه الأحاديث أيها المؤمنون فيها إثبات مغفرة الله تعالى في ليلة النصف من شعبان لعباده إلا لمشرك بأي نوع من أنواع الشرك و لمشاحن بينه وبين أخيه هجران وقطيعة.

أيها المؤمنون! وإنه لينبغي لكل منا أن يقفَ مع نفسه وقفةً صادقةً على ضوء هذه الأحاديث ويحاسب نفسه فلعله أن يكون قد ابتُلِي بشيء من الشرك سواء صَغُر أم كبُر وليتدارك نفسه بالتوبة إلى الله عز وجل منه إن كان قد وقع منه شيء من الشرك ولا تقل يا عبد الله إني برئ من هذه الشركيات ولا يوجد عندي شئ منها، أولا يمكن أن أقع فيها، ويكفي أنني أعيش في بلاد التوحيد؛ فإن هذا غرور وجهل من قائله، فلست أكثر توحيداً من نبي الله إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام خليل الرحمن، فهل تعرف بماذا دعا ربه؟! لقد دعاه بشئ عظيم، فاستمع معي أيها المؤمن إلى دعائه فيما ذكره الله تعالى عنه في كتابه حيث قال: (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ) (ابراهيم: من الآية35) (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) (ابراهيم: من الآية36)). الله أكبر! لقد خاف خليل الرحمن على نفسه وعلى بنيه الشرك بالله وعبادة الأصنام وهو الذي كسرها بيده الشريفة لماذا أيها المؤمنون؟! لماذا خاف على نفسه كل هذا الخوف قال: (رب إنهن أضللن كثيراً من الناس)، فهذا السبب هو الذي دعاه إلى دعاء ربه أن ينجيَه وبنيه من هذا البلاء العظيم وهذا الشر المستطير الذي وقع فيه كثير من الناس في هذا الزمان ولاحول ولاقوة إلا بالله قال إبراهيم التيمي رحمه الله: (ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم). وفي هذه الأزمنة عباد الله! نرى من بعض من ينتسبون إلى الإسلام من يعبد القبور ويطلب منها الشفاعة من دون الله ويذبح لها من دون الله راجيا بركتها أومتقرباً لأصحابها المدفونين تحت الثرى، فصدق عليهم قول الله تعالى: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير