تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) (يوسف:106) ومن مظاهر الشرك في العبادة ما يفعله بعض من لم يعرف حقيقة التوحيد من تعظيم الأولياء والخضوع والذل لهم والخوف منهم وتعظيمهم أكثر من تعظيمهم وخوفهم وذلهم لله جل

جلاله فتراه بين يدي شيخ طريقته كالميت بين يدي غاسله لا يخالف له أمراً ولا يعصي له قولاً يعتقد أنه مطلع على ما في قلبه فهو لا يضمر سوءاً لزعمه أن هذا الولي له قدرة على الكشف وهذا كفر أكبر والعياذ بالله.

ومنهم من ينذر لغير الله، ومنهم من يحلف بالولي أو بالنبي أو بحياة الآباء والأجداد، ومنهم من يذهب إلى الكهنة والعرافين والمشعوذين والسحرة والمنجمين، فيطلبون منهم الشفاء من الأمراض أو معرفة ماذا سيحصل لهم في مستقبل حياتهم، إن أراد تجارة أو زواجاً أو غير ذلك من الأمور، ومنهم من يقرأ في الأبراج التي تأتي في بعض المجلات أو الصحف أو بعض القنوات فيخبرون بأمور هي من الغيب، فيقولون مثلاً: حظك في برج الجدي أنك ستصبح سعيداً، أو من علامات برج الجوزاء أن صاحبه سيحصل له أمر محزن وهكذا وكلُّه من الكهانة وادعاء علم الغيب الذي هو مضاد لدين الرسل عليهم الصلاة والسلام وهو كفر أكبر والعياذ بالله فهو إن صدقه فيما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد وإن سأله بلا تصديق له لم تقبل له صلاة أربعين يوماً –قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) (مسلم).

ومن مظاهر الشرك المنتشرة بين الناس تعليقُ التمائمِ الشركيةِ والتعاويذِ البدعيةِ في العنق أو في البيت أو في السيارة أو في غيرها زاعمين أنها تطرد عنهم العين وتدفع عنهم الحسد؛ فهذا يُعَلِّقُ خيطاً في رقبة ابنه، أو في يده، وذاك يضع أوراقاً كتبت علها طلاسمُ وأمورٌ شركية وكلامٌ غيرُ مفهوم مما يُتَقَرَّبُ به إلى الجن حتى وقع الناسُ تحت وطأة هذه الخرافات فزادتهم خوفاً وهماً وقلقاً وحيرة واضطراباً. ومن صور تلك الشركيات ما نراه أمام أعيننا من تعليق قردٍ أو دبٍ أو كلبٍ أو غيرِ ذلك من الحيواناتِ المجسمةِ على السيارة، أو تعليق شيء من ذلك في البيت يظن المسكين بذلك أنها تدفع عنه شرَّ أعينِ الحاسدين وما علم المسكين أنها تُسْخِطُ ربَّ العالمين، فإنَّه إنْ علَّقها من أجل إذهاب العين والحسد عنه أو عن سيارته أو عن بيته؛ فهذا شرك لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ) (أحمد)، ومن الناس من يشرك بالرياء والسمعة وإظهار العمل الصالح أمام الناس من أجل أن يمدحوه أو يقولوا فلان صالح والنبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه انه قال: (مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللَّهُ بِهِ) [مسلم]، فتراه يصلي رياء ويقرأ القرآن رياء ويذكر الله رياء فهذا قد أتعب نفسه وأسخط ربه عز وجل كيف يرجو من يفعل ما تقدم من الأعمال أن ينالوا رحمة الله وهم واقعون في الشرك صغيره أو كبيره؟!

أما الصنف الآخر من الذين حرموا تلك الليلة من تكفير السيئات ومغفرة الذنوب فهم المشاحنون وأهل الحقد وهذا يدل على خطورة الشحناء والتباغض بين المسلمين، والشحناء: هي حقد المسلم على أخيه المسلم من أجل هوى في نفسه، وذلك يمنع المغفرة في أكثر أوقات المغفرة كما جاء في صحيح مسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا)) [مسلم وغيره]، وقد وصف الله المؤمنين عموما بأنهم يقولون: ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين امنوا ربنا إنك رؤوف رحيم.، "وقد فسر الإمام الأوزاعي رحمه الله الشحناء التي تمنع من المغفرة بالذي يكون في قلبه شحناء لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولا ريب أن هذه أعظم من الشحناء بين الأقران، وعنه أيضاً أنه قال: المشاحن هو كل صاحب بدعة فارق عليها الأمة، وقال

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير