تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والمعنى الثاني: أن النساء الخبيثات للرجال الخبيثين، والرجال الخبيثون أولى بالنساء الخبيثات، والنساء الطيبات الطاهرات العفيفات أولى بالرجال الطاهرين الأعفاء، والرجال الطيبون الأعفاء أولى بالنساء الطاهرات العفيفات، والآية على كلا المعنيين دالة على المقصود منها، وهو نزاهة عائشة رضي الله عنها عمَّا رماها به عبد الله بن أبيّ بن سلول من الفاحشة ومن تبعه ممن انخدع ببهتانه واغتر بزخرف قوله.

ثانياً:

قال الله تعالى (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ. قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ)، ومعنى الآيتين:

أن الله تعالى أخبر عن رسوله نوح عليه السلام أنه سأله تعالى أن ينجز له وعده إياه بنجاة ولده من الغرق والهلاك بناء على فهمه من ذلك من قوله تعالى له (احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ) فقال: (فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي)، وقد وعدتني بنجاة أهلي، ووعدك الحق الذي لا يخلف وأنت (أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ)، (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) أي: الذين وعدتك بإنجائهم؛ لأني إنما وعدتك بإنجاء مَن آمن مِن أهلك، بدليل الاستثناء في قوله تعالى (إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ)؛ ولذلك عاتبه الله تعالى على تلك المساءلة وذلك الفهم بقوله: (يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ)، وبيَّن ذلك بقوله (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ)؛ لكفره بأبيه نوح عليه السلام؛ ومخالفته إياه، فليس من أهله ديناً، وإن كان ابناً له من النسب، قال ابن عباس وغير واحد من السلف رضي الله عنهم: " ما زنت امرأة نبي قط " وهذا هو الحق، فإن الله سبحانه أغْيَر مِن أن يمكِّن امرأة نبي من الفاحشة؛ ولذلك غضب سبحانه على الذين رموا عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم بالفاحشة، وأنكر عليهم ذلك وبرَّأها مما قالوا فيها، وأنزل في ذلك قرآناً يُتلى إلى يوم القيامة.

ثالثاً:

قال الله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا) الآيتين من سورة التحريم.

بعد أن عاتب الله تعالى أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخاصة عائشة وحفصة رضي الله عنهن جميعاً على ما بدَر منهن مما لا يليق بحسن معاشرة النبي صلى الله عليه وسلم حتى حلف أن يعتزلهن شهراً، وأنكر تعالى عليهن بعض ما وقع منهن من أخطاء في حقه عليه الصلاة والسلام، وأنذرهن بالطلاق وأن يبدله أزواجاً خيراً منهن: ختم سورة التحريم بمثلَين: مثل ضربه للذين كفروا بامرأتين كافرتين امرأة نوح وامرأة لوط، ومثل ضربه للذين آمنوا بامرأتين صالحتين بآسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران؛ إيذاناً بأن الله حكم عدل لا محاباة عنده، بل كل نفس عنده بما كسبت رهينة، وحث العباد على التقوى، وأن يخشوا يوماً يرجعون فيه إلى الله، يوماً لا يجزي فيه والد عن ولده، ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً، يوم يفرُّ المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه، يوم لا تزر فيه وازرة وزر أخرى، وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى، يوم لا تنفع فيه الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً، فبيَّن سبحانه أن امرأة نوح وامرأة لوط كانتا كافرتين، وكانتا تحت رسوليْن كريميْن من رسل الله، وكانت امرأة نوح تخونه بدلالة الكفار على مَن آمن بزوجها، وكانت امرأة لوط تدل الكفار على ضيوفه، إيذاء وخيانة لهما، وصدّاً للنَّاس عن اتباعهما، فلم ينفعهما صلاح زوجيهما نوح ولوط، ولم يدفعا عنهما من بأس الله شيئاً، وقيل لهاتين المرأتين: ادخلا النار مع الداخلين، جزاءً وفاقاً بكفرهما وخيانتهما؛ بدلالة امرأة نوح على من آمن به، ودلالة امرأة لوط على ضيوفه، لا بالزنى، فإن الله سبحانه لا يرضى لنبي من أنبيائه زوجة زانية، قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى (فَخَانَتَاهُمَا) قال: " ما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير