تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

معهم في الأعمال؟ والاختلاط كفيل بالوقوع في هذه المحاذير, كيف يحصل للمرأة المسلمة أن تغض بصرها وهي تسير مع الرجل الأجنبي جنبا إلى جنب بحجة أنها تشاركه في الأعمال أو تساويه في جميع ما تقوم به؟

والإسلام حرم جميع الوسائل والذرائع الموصلة إلى الأمور المحرمة , وكذلك حرم الإسلام على النساء خضوعهن بالقول للرجال لكونه يفضي إلى الطمع فيهن كما في قوله عز وجل: {يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض} (1) يعني مرض الشهوة. فكيف يمكن التحفظ من ذلك مع الاختلاط؟

ومن البدهي أنها إذا نزلت إلى ميدان الرجال لا بد أن تكلمهم وأن يكلموها, ولا بد أن ترقق لهم الكلام وأن يرققوا لها الكلام, والشيطان من وراء ذلك يزين ويحسن ويدعو إلى الفاحشة حتى يقعوا فريسة له, والله حكيم عليم حيث أمر المرأة بالحجاب, وما ذاك إلا لأن الناس فيهم البر والفاجر والطاهر والعاهر فالحجاب يمنع- بإذن الله- من الفتنة ويحجز دواعيها, وتحصل به طهارة قلوب الرجال والنساء, والبعد عن مظان التهمة قال الله عز وجل: {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} (2) الآية.

وخير حجاب المرأة بعد حجاب وجهها باللباس هو بيتها. وحرم عليها الإسلام مخالطة الرجال الأجانب; لئلا تعرض نفسها للفتنة بطريق مباشر أو غير مباشر, وأمرها بالقرار في البيت وعدم الخروج منه إلا لحاجة مباحة مع لزوم الأدب الشرعي, وقد سمى الله مكث المرأة في بيتها قرارا, وهذا المعنى من أسمى المعاني الرفيعة ففيه استقرار لنفسها وراحة لقلبها وانشراح لصدرها. فخروجها عن هذا القرار يفضي إلى اضطراب نفسها وقلق قلبها وضيق صدرها وتعريضها لما لا

تحمد عقباه, ونهى الإسلام عن الخلوة بالمرأة الأجنبية على الإطلاق إلا مع ذي محرم وعن السفر إلا مع ذي محرم, سدا لذريعة الفساد وإغلاقا لباب الإثم وحسما لأسباب الشر, وحماية للنوعين من مكايد الشيطان, ولهذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء» (1) وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء» (2).

وقد يتعلق بعض دعاة الاختلاط ببعض ظواهر النصوص الشرعية التي لا يدرك مغزاها إلا من نور الله قلبه وتفقه في الدين وضم الأدلة الشرعية بعضها إلى بعض وكانت في تصوره وحدة لا يتجزأ بعضها عن بعض, ومن ذلك خروج بعض النساء مع الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض الغزوات, والجواب عن ذلك أن خروجهن كان مع محارمهن لمصالح كثيرة لا يترتب عليه ما يخشى عليهن من الفساد, لإيمانهن وتقواهن وإشراف محارمهن عليهن وعنايتهن بالحجاب بعد نزول آيته بخلاف حال الكثير من نساء العصر, ومعلوم أن خروج المرأة من بيتها إلى العمل يختلف تماما عن الحالة التي خرجن بها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغزو فقياس هذه على تلك يعتبر قياسا مع الفارق. وأيضا فما الذي فهمه السلف الصالح حول هذا, وهم لا شك أدرى بمعاني النصوص من غيرهم, وأقرب إلى التطبيق العملي لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فما هو الذي نقل عنهم على مدار الزمن؟ هل وسعوا الدائرة كما ينادي دعاة الاختلاط فنقلوا ما ورد في ذلك إلى أن تعمل المرأة في كل ميدان من ميادين الحياة مع الرجال تزاحمهم ويزاحمونها وتختلط معهم ويختلطون معها؟ أم أنهم فهموا أن تلك قضايا معينة لا تتعداها إلى غيرها؟

وإذا استعرضنا الفتوحات الإسلامية والغزوات على مدار التاريخ لم نجد هذه الظاهرة, أما ما يدعى في هذا العصر من إدخالها كجندي يحمل السلاح ويقاتل, كالرجل فهو لا يتعدى أن يكون وسيلة لإفساد وتذويب

أخلاق الجيوش باسم الترفيه عن الجنود; لأن طبيعة الرجال إذا التقت مع طبيعة المرأة كان منهما عند الخلوة ما يكون بين كل رجل وامرأة من الميل والأنس والاستراحة إلى الحديث والكلام, وبعض الشيء يجر إلى بعض, وإغلاق الفتنة أحكم وأحزم وأبعد من الندامة في المستقبل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير