تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(قادر على الصوم) هذا هو الشرط الرابع القدرة على الصوم أما إن كان عاجزاً عن الصوم فإنه لا يجب عليه أن يصوم, لكن يجب عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً ما دام عقله معه كأن يكون مريضاً مرضاً لا يرجى برؤه كمرض السرطان مثلاً ونحوه من الأمراض التي لا يرجى برؤها في علم البشر وإلا فالله على كل شيء قدير.

نقول: حينئذ لا يجب عليه أن يصوم ولكن يجب عليه أن يأتي بالبدل وهو أن يطعم عن كل يوم مسكيناً. هذه هي شروط وجوب الصوم.

قال المصنف -رحمه الله تعالى-: (ويؤمر به الصبي إذا أطاقه) المقصود بالصبي الصبي المميز فإنه ينبغي أمره بالصوم وإن لم يكن الصوم واجباً عليه ولكنه يؤمر من باب التعويد حتى يتعود على الصوم كما أنه يؤمر بالصلاة حتى يتعود عليها، وقد كان السلف يأمرون صبيانهم بالصوم كان الصبي إذا بكى يجعلون له العهن من الصوف يلعب به ويتسلى حتى يمضي عليه النهار.

هكذا نقول: إنه ينبغي تعويد الصبيان على الصوم ما لم يشق ذلك عليهم مشقة شديدة وبعض الآباء والأمهات ينهون صبيانهم عن الصوم, هذا خطأ. ما دام أن هذا الصبي عنده القدرة على الصوم فينبغي أمره بذلك وتشجيعه وحثه عليه ولا ينهَ عن هذا الصوم ما لم يضره الصوم أو يشق عليه مشقة كبيرة فمادام يطيق الصوم فإنه ينبغي أن يشجع على ذلك وأن يقتدى بالسلف -رحمهم الله تعالى- حيث كانوا يأمرون صبيانهم بالصوم ويشجعونهم على ذلك إذا بكى الواحد منهم جعلوا له اللعبة من العهن يتسلى بها.

ثم قال -رحمه الله تعالى- (ويجب) يعني: صيام رمضان (بأحد ثلاث أشياء)

الأول: قال: (كمال شعبان) يعني: ثلاثين يوماً وذلك أنه إذا تحري الهلال لرمضان بعد غروب شمس التاسع والعشرين من شهر شعبان ولم يرَ الهلال فإن الواجب حينئذ إكمال شعبان ثلاثين يوماً لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوم).

الأمر الثاني: قال: (ورؤية هلال رمضان) إذا رؤي هلال رمضان فيجب الصوم بالإجماع فمثلاً إذا تحرى الناس الهلال مساء التاسع والعشرين من شهر شعبان فرؤي الهلال فإنه يجب صوم رمضان.

الأمر الثالث: قال: (ووجود غيم أو قتر ليلة الثلاثين يحول دونه) يعني: أنه يجب الصوم عند وجود غيم أو قتر ليلة الثلاثين وذلك من باب الاحتياط لرمضان وهذا كلام غريب من المصنف -رحمه الله تعالى- ولكن هذا هو إحدى الروايات عن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- إحدى الروايات في المذهب, وذكرها صاحب الزاد وغيره قالوا: إنه يجب الصيام إذا حال دون رؤية الهلال ليلة الثلاثين من شعبان غيم أو قتر قالوا: إنه يجب الصوم في هذه الحالة واستدلوا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا له) قالوا: معنى (فاقدروا له) أي ضيقوا عليه وذلك بأن يجعل شعبان تسعة وعشرين يوماً، كما في قول الله - عز وجل-: ? وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ ? [الطلاق: 7]، يعني ضيق عليه رزقه، قالوا: فمعنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (فاقدروا له) يعني ضيقوا عليه وذلك بأن يجعل شعبان ثلاثين يوماً.

قالوا: ويؤيد ذلك أن ذلك مروي عن ابن عمر: (كان إذا حال دون رؤية الهلال ليلة الثلاثين من شعبان غيم أو قتر أصبح صائم) قالوا: وهو راوي الحديث وهو أعلم بما روى، ولكن هذا محل نظر إذ إن هذا هو يوم الشك, قد وردت أحاديث في النهي عن صيام يوم الشك.

ولهذا فإن بعض المحققين من أهل العلم قال: إن الصحيح من مذهب الحنابلة في هذه المسألة أنه لا يجب الصوم في هذه الحالة، لا يجب الصوم في الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر كما قال ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- قال: هي المذهب الصريح المنصوص عليه عن الإمام أحمد, فبعض المحققين من أهل العلم قال: إن هذه الرواية ليست هي الصحيح من مذهب الحنابلة بل الصحيح من المذهب أنه لا يجب الصوم في هذه الحالة، وكثير من فقهاء الحنابل يقولون: إن هذا اليوم يوم الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية هلاله غيم أو قتر ليس هو يوم الشك وإنما يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا كان الجو صحواً ليلة الثلاثين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير