تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[بمناسبة رمضان: الرؤية أم الحساب]

ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[21 - 08 - 08, 11:24 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

(1)

يهل علينا شهر الصيام، والبركة والغفران، فيطرح السؤال: كيف يثبت دخول الشهور عامة وشهر رمضان خاصة؟ هل بالاعتماد على الرؤية المجردة أم بالاعتماد على حسابات أهل الفلك وقياساتهم؟ هل تكلف الدولة كل شهر لجنة تراقب الهلال، وتضع رقم هاتفها عند سائر أهل البلد ليخبرها أي واحد منهم بثبوت الرؤية، أم أنها تعتمد على تقويم جاهز معتمد على أدق المقاييس العلمية؟.

في الحقيقة لا زلت أقدم رجلا وأؤخر أخرى قبل الخوض في هذا الموضوع، لما ترسب في ذهني من خلال قراءاتي لكتب علماء السنة والأثر، من أن القول بالحساب قول شنيع باطل لا يقول به سني، بل نقل بعضهم الإجماع على ذلك، ولا زالت كلمات شيخ الإسلام بن تيمية في تشنيع القول بالحساب ترن في أذني، مما جعلني أعتقد مدة أن الأمر جازم لا يحتمل النظر والمناقشة. إلا اني أثناء دراستي بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة راع انتباهي أن الدولة السعودية تعتمد في دخول الشهر وخروجه على الرؤية كما هو الأصل، لكنها في التواريخ الرسمية والمعاملات الإدارية،وتواريخ العطل والإجازات، وإثباتات العقود، تعتمد تقويما فلكيا حسابيا معتمدا على قياسات أهل الهيئة وجداولهم، حتى إنك قد تسأل الواحد عن تاريخ اليوم فيجيبك:5 بحسب الرؤية،6 حسب التقويم.

والذي دفعهم إلى الصنيع هو أن الاعتماد على الرؤية لا يسهل وضع جداول ومواعيد مستقبلية دقيقة، لأن الشهر لا يدرى أيكتفي بتسع وعشرين يوما أم سيتم الثلاثين،ومعرفة ذلك لا تكون إلا بالرؤية التي تكون عند بداية الشهر، وبالتالي لو اتفقنا على أن الشروع في إنجاز عقد من العقود مثلا سيكون في العشرين من محرم السنة القادمة ونحن في شوال، فإن هذا اليوم يحتمل موافقته لستة أيام من أيام الأسبوع، لأن شوال قد يكتفي بتسع وعشرين وقد يتم الثلاثين، ومثل ذلك في ذي القعدة وذي الحجة، فالعشرون من محرم قد يوافق الإثنين وقد يوافق الثلاثاء ...... وهكذا، ولا نستطيع الجزم بذلك إلا بعد دخول هذه الأشهر جميعا، ومثل هذه المواعيد غير الدقيقة لا يمكن العمل بها في مثل هذا العصر، الذي تصعد فيه أسهم، وتفلس شركات في ثانية من الزمن، والذي تضبط فيه مواعيد بعض الأحداث سنوات قبل وصولها، فاضطرت الدولة السعودية إلى الاكتفاء باعتماد الرؤية في مجالات التعبد، كرمضان والحج،واعتماد التقويم الحسابي في المعاملات الرسمية والإدارية، فجعلت أسائل نفسي هل التقويم القمري عاجز عن تدبير أمور الدولة وتصريف شؤونها بدقة وعملية؟ وهل هذه الآلات الفلكية الحديثة الصنع والمتطورة جدا، والدقيقة جدا، لا يمكن استغلالها لحل كثير من الإشكالات المتعلقة بهذا الموضوع؟.

ولماذا يتم اعتماد التقويم الحسابي في معرفة أوقات الصلوات،ونحن نستعمل ساعات يدوية صنعها علماء الفلك ترشد إلى أوقات الصلوات ومكان القبلة بكل دقة، ولانعتمده في إثبات دخول الشهر وخروجه؟.

ومع أن هذه الأمثلة راجت في ذهني إلا أني لم أستطع التجرأ على هذا الباب، لما ذكرته آنفا من شدة نكير أهل الأثر على القائلين بذلك، حتى وقفت

على بحث قيم في هذا الباب،للحافظ أحمد بن الصديق الغماري في كتابه "توجيه الأنظار"،والذي أجاز فيه بل أوجب العمل بالحساب بشروط اشترطها لذلك، فرأيت بعد ذلك ان لا حرج في خوض غمارهذا الموضوع والجرأة فيه.

يتبع

ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 12:48 ص]ـ

(2)

وأعظم ثقل أزاحه الحافظ من على كاهلي , هو نقض دعوى الإٌجماع , وذكر أسماء المخالفين والنقل عنهم, مما فتح لي الباب على مصراعيه للمناقشة والترجيح والرد , فرأيت بعد طول تأمل وتدبر أن الدولة المسلمة لابد لها من اعتماد الحساب في إثبات بيانات الشهور ونهاياتها, ولا يسع الدولة المسلمة المعاصرة إلا العمل بهذا القول والذي دفعني إلى هذا الاختيار هو قوة الأدلة وظهورها بغض النظر عن القائل أو المخالف, وأهم هذه الأدلة ما يلي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير