تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(مجموعة الرسائل والمسائل 4/ 111).

وذكر الدكتور بكر أبو زيد أن من أولى مقتضيات الولاء والبراء الذي هو من مسلمات الاعتقاد في الإسلام البراءة من أهل البدع والأهواء ومعاداتهم وزجرهم بالهجر ونحوه على التأبيد حتى يفيئوا. قال: وهذا معقود في عامة كتب اعتقاد أهل السنة والجماعة. (هجر المبتدع /19).

والمقصود أن هناك قواعد في هذا الباب، فكل ما وافقها من عبارات السلف ومواقفهم فهو على الجادة، وأما ما جاء عن بعضهم بخلاف ذلك فهذا الذي يقال فيه: إنه قيل في ظروف معينة أو أحوال معينة، ومنه ما يصلح أن يكون ضابطا يمكن العمل به في مثل تلك الظروف أو نحوها.

ولا أشك في أن المؤلف حفظه الله لا ينازع في هذا مطلقا، وقد نبه على ذلك في آخر هذا المبحث فقال: ليس المقصود مما سبق موافقة تلك الدعوات المنحرفة لتذويب الفروقات بين أهل السنة ومخالفيهم من أهل الأهواء والبدع .... إلى أن قال: وإنما غاية المطلوب هنا أن ندرك فقه السلف رضي الله عنهم في هذا الباب وما ينبغي مراعاته في ذلك من غير إفراط ولا تفريط. (فقه الرد/19 - 20).

أقول: لا يجوز أن نفتح ثغرة يلج منها الأعداء، ويتسلطون بها على موقف أهل السنة والجماعة من أهل البدع، ويقولون: هي مواقف فردية قيلت في ظروف معينة بدليل، ثم نقول: نحن لم نقصد فتح تلك الثغرة.

ويحسن بالقارئ أن يراجع كتاب موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع للدكتور إبراهيم الرحيلي، في مجلدين، وهو رسالة دكتوراه، فقد نبه على القواعد المطردة في هذا الباب واستثناءاتها وضوابطها، وهي أمور لا تخفى على الدكتور السبت حفظه الله غير أني أرى أنه عرض في هذا المدخل مسائل كبيرة ذات خطر بشكل سريع يفهم منه ما لا يجوز وما لم يرده هو نفسه إطلاقا، فلابد من تلخيصها بإتقان يمنع حملها على غير وجهها ويفوت على المغرضين غرضهم.

والأمثلة والتطبيقات التي ذكرها المؤلف في هذه الصفحات لم يفرق فيها بين ما هو جار على القاعدة العامة في هذا الباب، وما هو استثناء منها لأسباب أو ضوابط معينة لا تخرم القاعدة، وإنما جعل الجميع قضايا فردية كانت في ظروف معينة، من غير أن يذكر دليلا على ذلك، وهذا الإطلاق خطأ لا شك فيه.

فمثلا قول الفضيل بن عياض الذي ذكره المؤلف: " من عظم صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام " هذا موافق للقاعدة العامة وهي أنه لا يجوز تعظيم أهل البدع لمحاذير كثيرة ليس هذا محل بسطها، وقد ذكر بعضها الدكتور بكر في هجر المبتدع ص 11، والدكتور الرحيلي في كتابه المذكور آنفا 2/ 551، فكلام الفضيل هنا ليس كلاما قيل في ظروف معينة كما ذكر المؤلف بلا دليل. وأضرب مثالا قريبا، وهو أن الشيخ عبدالفتاح أبو غدة عفا الله عنه ذكر أنه لا يقول بقول الكوثري الجهمي عدو أهل السنة والجماعة في معاداته علماء السنة وما يقوله فيهم، لكن هذا التصريح لم يقبل منه، ولم يغفر له تعظيمه الكوثري ووصفه بالإمامة وغيرها من ألقاب المدح والإطراء؛ لأن هذا يخالف القاعدة العامة التي أشرت إليها. قال الشيخ ابن باز في كتابه إلى الشيخ بكر رحمهما الله تعالى: فقد اطلعت على الرسالة التي كتبتم بعنوان "براءة أهل السنة من الوقيعة في علماء الأمة" وفضحتم فيها المجرم الآثم محمد زاهد الكوثري بنقل ماكتبه من السب والشتم والقذف لأهل العلم والإيمان، واستطالته في أعراضهم، وانتقاده لكتبهم إلى آخر مافاه به ذلك الأفاك الأثيم، عليه من الله مايستحق، كما أوضحتم أثابكم الله تعلق تلميذه الشيخ عبدالفتاح أبوغدة به وولاءه له وتبجحه باستطالة شيخه المذكور في أعراض أهل العلم والتقى، ومشاركته له في الهمز واللمز. وقد سبق أن نصحناه بالتبري منه وإعلان عدم موافقته له على ماصدر منه وألححنا عليه في ذلك، ولكنه أصر على موالاته له هداه الله للرجوع إلى الحق، وكفى المسلمين شره وأمثاله.

(من تقريظ الشيخ ابن باز المثبت في أول براءة أهل السنة /3).

وأما قوله:"فقد أعان على هدم الإسلام" فإنه يريد به أن ذلك من آثار ونتائج تعظيم أهل البدع لأن الناس إذا رأوا أنهم معظَّمون اغتروا بباطلهم وتابعوهم عليه وأضروا بدينهم من حيث لا يشعرون.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير