تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في الجدل مذكورة، وقمعه لغيره من شيوخهم معروف شائع، وقطعه لهم في المناظرة منتشر ذائع، وتواليفه في الرد على أهل التعطيل كثيرة، وفضيحة أهل الأهواء بما أظهر من عوار مذهبهم كبيرة، فكيف يزعم أنه أظهر غير ما أبطن، أو أضمر ضد ما أعلن ... إلى أن قال: وقول من زعم: "إنه أظهر التوبة ليؤخذ عنه ويسمع ما يلقى إلى المتعلمين منه وتعلو منزلته عند العامة "؛ فذلك مالا يصنعه من يؤمن بالبعث يوم القيامة.كيف يستجيز مسلم أن يظهر ضد ما يبطن، أو يضمر خلاف ما يبدي ويعلن؛ لا سيما فيما يتعلق بالاعتقادات ويرجع إلى أصول الديانات؟! (تبيين كذب المفتري /380 - 382).

وقال الدكتور محمد الخميس: ومن العجيب أنهم زعموا أن الإمام أبا الحسن الأشعري ألف كتاب "الإبانة" مداراة للحنابلة وتقية، وخوفا منهم على نفسه. وهذا كلام فيه نظر، بل إنه جد خطير؛ إذ إن فيه قدحا في الإمام أبي الحسن الأشعري، واتهاما له بأنه يبدل عقيدته في الظاهر على حسب الأحوال والملابسات أو مجاراة للتيارات الفكرية السائدة، وهذه مسألة خطيرة، فالغاية لاتبرر الوسيلة عند أهل الحق، وينبغي للإنسان أن يحسن الظن بأمثال الإمام في هذا، بل إنني أجزم ببطلان هذا الزعم في حق هذا الإمام الجليل؛ إذ إنه لايمكن أن يداري أو يجاري في عقيدته وهي مدار السلامة، وهي العقد بينه وبين الله تعالى، ولا يفعل هذا إلا الموغلون في البدعة، والذين ليسوا على رسوخ في عقيدتهم وثقة بماهم عليه، كأمثال الباطنية وغيرهم. ثم إن الحنابلة لم تكن لهم سلطة يمكن أن تلحق الأذى بالإمام، بل كان في أيامه كثيرون من المبتدعة المعاندين، ولم ينزل بهم بطش الحنابلة وبأسهم، فهذه دعوى باطلة مردودة. (اعتقاد أهل السنة/6).

3 - أن ذكر المؤلف لأبي الحسن الأشعري مع أولئك المجرمين الأربعة، دون إشارة إلى توبته من بدعته القديمة خطأ، فمن تاب تاب الله عليه، ولا يجوز أن يعاب أحد بذنب تاب منه.

قال الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله: وفضائل أبي الحسن الأشعري ومناقبه أكثر من أن يمكن حصرها في هذه العجالة. ومن وقف على تواليفه بعد توبته من الاعتزال رأى أن الله تعالى قد أمده بمواد توفيقه، وأقامه لنصرة الحق والذب عن طريقه. (من تقديمه لتحقيق كتاب الإبانة /8).

وقال الإمام ابن باز رحمه الله: أبو الحسن الأشعري رحمه الله ليس من الأشاعرة، وإن انتسبوا إليه؛ لكونه رجع عن مذهبهم، واعتنق مذهب أهل السنة، فمدح الأئمة له ليس مدحا لمذهب الأشاعرة.

(مجموع فتاوى ابن باز3/ 53).

وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: والأشعري أبو الحسن – رحمه الله – كان في آخر عمره على مذهب أهل السنة والحديث، وهو إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. ومذهب الإنسان ما قاله أخيرا إذا صرح بحصر قوله فيه كما هي الحال في أبي الحسن كما يعلم من كلامه في الإبانة. وعلى هذا فتمام تقليده اتباع ماكان عليه أخيرا، وهو التزام مذهب أهل الحديث والسنة؛ لأنه المذهب الصحيح الواجب الاتباع الذي التزم به أبوالحسن نفسه. (مجموع فتاوى ابن عثيمين 3/ 340).

وعلى فرض أنه لم يتب من البدع التي وقع فيها فتلك البدع لا تجعله في عداد أولئك المبتدعة الزنادقة الذين قتلوا على الزندقة؛ لأن البدع متفاوتة كما هو معروف ومقرر في موضعه.

ثم قال المؤلف حفظه الله:

8 - أبوبكر الباقلاني (ت 403هـ): فهو مع سعة علمه وتوقد ذكائه وفصاحته كان أبوحامد الإسفراييني (ت406هـ) يشنع عليه، ويحذر الناس منه ومن الدخول عليه، ولم يكن يجرؤ أحد على الاتصال به، والدخول عليه إلا خفية، حتى إن الباقلاني كان يخرج إلى الحمام متبرقعا خوفا من الشيخ أبي حامد الإسفراييني. (فقه الرد/46).

أقول: الباقلاني وإن كان من كبار الأشاعرة، إلا أن له جهودا كبيرة في خدمة الدين والعلم، فلا يجوز أن يقرن بجهم بن صفوان والجعد بن درهم وغيرهما من الزنادقة، ويجعل معهم في سياق واحد على النحو الذي فعله المؤلف.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير