يُخبر تعالى أنك يا محمد - وغيرك من باب أولى - لا تقدر على هداية أحد، ولو كان من أحب الناس إليك، فإن هذا أمر غير مقدور للخلق: هداية التوفيق، وخلق الإيمان في القلب، وإنما ذلك بيد اللّه سبحانه تعالى، يهدي من يشاء، وهو أعلم بمن يصلح للهداية فيهديه، ممن لا يصلح لها فيبقيه على ضلاله.
وأما إثبات الهداية للرسول في قوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ): فتلك هداية البيان والإرشاد، فالرسول يبين الصراط المستقيم، ويرغِّب فيه، ويبذل جهده في سلوك الخلق له، وأما كونه يخلق في قلوبهم الإيمان، ويوفقهم بالفعل، فحاشا وكلا. " تفسيرالسعدي " (620).
وانظري جواب السؤال رقم: (12053).
واعلمي أيتها الأخت الفاضلة أن الحجة مقامة على ولدك، وليس هو في سن تستطيعون توجيهه والتحكم به، فليس أمامكم إلا الدعاء له بالهداية، فألحوا على ربكم تعالى، وأكثروا الدعاء له في أوقات السحَر، وفي السجود، فلعلَّ الله تعالى أن يستجيب لكم
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ / قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ).
رواه الترمذي (1905) وأبو داود (1563) وابن ماجه (3862)، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".
قال العظيم آبادي – رحمه الله –:
(دعوة الوالد) أي: لولده، أو عليه، ولم يذكر الوالدة؛ لأن حقها أكثر، فدعاؤها أولى بالإجابة.
" عون المعبود " (4/ 276).
وقال المناوي – رحمه الله -:
(ودعوة الوالد لولده) لأنه صحيح الشفقة عليه، كثير الإيثار له على نفسه، فلما صحت شفقته: استجيبت دعوته، ولم يذكر الوالدة مع أن آكدية حقها تؤذن بأقربية دعائها إلى الإجابة من الوالد؛ لأنه معلوم بالأولى.
" فيض القدير " (3/ 301).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -
(دعوة الوالد) في بعض ألفاظ الحديث (على ولده)، وفي بعض ألفاظه مطلقة (الوالد) أي: سواء دعا لولده، أو عليه، وهذا هو الأصح، دعوة الوالد لولده، أو عليه مستجابة، أما دعوته لولده: فلأنه يدعو لولده شفقة، ورحمة، والراحمون يرحمهم الله عز وجل، وأما عليه: فإنه لا يمكن أن يدعو على ولده إلا باستحقاق، فإذا دعا عليه وهو مستحق لها: استجاب الله دعوته.
هذه ثلاث دعوات مستجابات: دعوة المظلوم، والمسافر، والوالد، سواء الأم، أو الأب.
" شرح رياض الصالحين " (3/ 157) طبعة دار ابن الهيثم.
وقد بينا شروط الدعاء لكي يكون مستجاباً مقبولاً عند الله في جواب السؤال رقم (13506)
وذكرنا أماكن وأوقات إجابة الدعاء في جواب السؤال رقم: (22438).
فلينظرا.
وأما ما أنكم لا تساعدونه في أمر زواجه، ولا تذهبون معه إلى أحد، فهذا هو الواجب عليكم، ولو بقي على هذه الحال إلى آخر عمره؛ فالناس، كما قلت ـ أيتها السائلة الكريمة ـ سوف يغترون بحالكم، ويظنون أن ابنكم مثلكم، أو ـ على أقل حال ـ إن اختلف، أو ساء أمره، فلن يتصور أحد أنه قد بلغ هذا المبلغ.
نسأل الله أن يهدينا وإياكم سواء السبيل، وأن يصلح لنا أزواجنا وذرياتنا.
والله أعلم
http://www.islam-qa.com/ar/ref/112042