تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والعلامة البدلية الشرعية للرؤية هي كمال شهر شعبان ثلاثين يوماً هذا في إثبات الدخول، وإكمال شهر رمضان ثلاثين يوماً هذا في إثبات الخروج والدليل على ذلك الأحاديث المتقدمة فإن فيها قوله ?: (فإن غم عليكم فاقدروا له) وللبخاري: (فأكملوا العدة ثلاثين) (1) وله: (فإن غمي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين) (2) والمراد بقوله ? (فاقدروا له) أي احسبوا له قدرة وهو إكمال شعبان ثلاثين يوماً، وخير ما فسرت به السنة هو السنة، وليس المراد به التضييق كما ذهب إليه بعض أسيادنا من أهل العلم عليهم الرحمة والرضوان، واعلم أن ترائي الهلال كان هو عادة القوم في زمن النبوة كما في حديث ابن عمر - ? - قال: (تراءى الناس الهلال) (3) الحديث أي اجتمعوا للرؤية وتكلفوا النظر إليه، فإذا لم تتحقق الرؤية فالواجب علينا الإتمام، وهذا هو عين هذا الضابط، فقوله (أو إلا تمام بدلاً) أي أنه إذا تعذرت الرؤية فليس لنا إلا العلامة البدلية وهي الإتمام، هذا هو شرح الضابط لنا إلا العلامة البدلية يبقى عندنا النظر في مسائل مهمة تبحث تحت هذا الضابط، وأرى أنه من باب إتمام الفائدة عرضها لتكمل الفائدة ويتحقق المقصود فأقول وبالله التوفيق ومنه أستمد الفضل وحسن التحقيق:

(المسألة الأولى) جعل بعض العلماء لدخول الشهر وخروجه علامة ثالثة غير العلامتين المذكورتين، وهي الشهادة.

وأقول: هذه العلامة تدخل ضمناً تحت العلامة الأصلية وهي الرؤية فإن هذا الشاهد أو المخبر يخبر بماذا ويشهد؟ لا شك أنه يخبر بأنه رأى الهلال فثبت الرؤية بإخباره فنكون قد صمنا وأفطرنا بالرؤية فإن رؤية الهلال ليس المخاطب بها أناساً معينين بل الخطاب فيها عام للمسلمين لكنها تثبت برؤية بعضهم فإذا أثبتها بعضهم اكتفينا بذلك فإثبات هذا البعض ليس علامة جديدة وإنما هو إخبار أو شهادة بالعلامة الأصلية فالراجح والله أعلم أن الإخبار أو الشهادة على رؤية هلال الدخول والخروج ليس علامة مستقلة بل هي داخلة ضمناً تحت العلامة الأصلية وهي الرؤية، وإن لم يقبل هذا الكلام فأقول: الخلاف في ذلك لفظي لا ثمرة له فإذا قال المخبر رأيت هلال رمضان وتحققت فيه شروط القبول ثبت دخول الشهر فسواءاً قلنا ثبت بالإخبار أو الرؤية فالنتيجة واحدة فلا نطيل الكلام فيه والله أعلم.

(المسألة الثانية) اعلم رحمك الله تعالى أنه لا يلزم في المخبر بالرؤية إثباتها بلفظ الشهادة وإنما يكفي فيها لفظ الخبر فقط وذلك لحديث ابن عمر - ? - قال: (تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي ? أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه) (1) حديث إسناده صحيح فهذا الحديث يثبت أمرين، الأول: أن إثبات رؤية الدخول يكتفى فيها بواحد ففيه رد على من قال لا بد من رجلين، فإن هذا الحديث نص صحيح صريح في الرد عليهم.

الثاني: أن فيه قول ابن عمر (فأخبرت) فقبل النبي ? خبره واعتمده فصام وأمر الناس بالصيام، ولم يقل لا بد من لفظ الشهادة لأمره النبي ? أن يؤديها به لكن لما لم يأمره دل على عدم الاعتبار لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ومثله أيضاً ما رواه الخمسة عن ابن عباس - ? - أن أعرابياً جاء إلى النبي ? فقال: إني رأيت الهلال فقال: أتشهد ألا إله إلا الله قال: نعم، قال أتشهد أن محمداً رسول الله قال: نعم فقال: (أذن في الناس يا بلال أن يصوموا غداً) (1) وصححه ابن خزيمة لكن في سنده مقال: وهنا فائدتان:-

الأولى: أنه ? قبل خبر هذا الأعرابي وهو واحد فدل على أنه يكتفى بالواحد في إثبات الرؤية، قال الترمذي: والعمل عليه عند أهل العلم قالوا: تقبل شهادة رجل واحد في الصيام قال النووي وهو الأصح.

الثانية: أن هذا الأعرابي أدلى بالخبر بقوله: (إني رأيت الهلال) ولم يقل: أشهد بالله أني رأيت الهلال وقبل النبي ? خبره هذا واعتمده مما يدل على أنه لا يعتبر لفظ الشهادة والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير