تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(المسألة الثالثة) ذهب الأصحاب – رحمهم الله – في المشهود عنهم أنه إن حال دون رؤية الهلال ليلة الثلاثين غيم أو قتر أنه يجب صوم اليوم التالي لهذه الليلة وجعلوا ذلك من باب الاحتياط، وهو قول جملة من الصحابة كعمر وابنه وعمرو بن العاص وأبي هريرة وأنس ومعاوية وعائشة وأسماء بنت أبي بكر الصديق – رضي الله عنهم - وقال صاحب الإنصاف: وهو المذهب عند الأصحاب ونصروه وصنفوا فيه التصانيف. أهـ.

(المسألة الرابعة) ذهب الأصحاب – رحمهم الله – في المشهود عنهم أنه إن لم يرى الهلال مع صحو ليلة الثلاثين من شعبان أصبحوا مفطرين وكره حينئذ الصوم لأنه يوم الشك المنهي عنه، وأما إن حال دونه أي دون هلال رمضان غيم أو قتر فإنه يجب صوم اليوم التالي لهذه الليلة حكماً ظنياً احتياطياً بنية رمضان، وهو قول جمع من الصحابة كعمر وابنه وعمرو بن العاص وأبي هريرة وأنس ومعاوية وعائشة وأسماء ابنتي أبي بكر الصديق – رضي الله عن الجميع – وقال في الإنصاف: وهو المذهب عند الأصحاب ونصروه وصنفوا في التصانيف وردوا حجج المخالف وقالوا: نصوص أحمد تدل عليه.كذا قالوا – رحمهم الله تعالى رحمة واسعة وأعلى نزلهم في الجنة - ولكن القول الراجح في هذه المسألة إن شاء الله تعالى أن الاعتبار بالرؤية المحققة أو إكمال شعبان ثلاثين يوماً، وذلك لأنه لا يثبت دخول الشهر إلا بالرؤية أصلاً أو بالإتمام بدلاً فقولهم: إن لم يرى الهلال ليلة الثلاثين وكانت السماء صحواً أصبحوا مفطرين هذا الإشكال فيه وليس هذا بيوم شك بل هو يقينه أنه ليس من رمضان، وذلك لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان واليقين لا يزول بالشك وغلبة الظن منزلة منزلة اليقين دون رؤية غيم أو قتر فإنه يجب الصيام فهذا فيه نظر ظاهر والراجح إن شاء الله تعالى خلافه وذلك لأمور:

الأول: حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله ?: (لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه) (1) والقول بوجوب صوم هذا اليوم الذي يشك أنه من رمضان تقدم لرمضان بصوم يوم وقد ثبت النهي عنه وقد تقرر في القواعد أن النهي المجرد عن القرينة يفيد التحريم.

الثاني: حديث عمار بن ياسر – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله ?: (من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم ?) (1) رواه الخمسة وعلقه البخاري وسنده صحيح، وهذا اليوم يوم لا نجزم أنه من رمضان فهو يوم الشك فيه، فمن صامه فقد عصى أبا القاسم ? وهذا نص صحيح صريح الدلالة على النهي عن صومه.

الثالث: في حديث ابن عمر في الصحيحين أن النبي ? قال: (فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً) وهو نص في محل النزاع فالأصحاب يقولون فإن غم عليكم فصوموه احتياط والنبي ? يقول: (فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً) (2) وقوله ? مقدم على قول غيره، كما قال الناظم:

أطع الرسول وسلمن لقوله إياك لا تصغي لقول ثاني

فلو كان صيام هذا اليوم واجباً أو مشروعاً ولو شرعية إباحة لبينه النبي ? بياناً كافياً شافياً فلما لم يأمر وعلم أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وقد تقرر في القواعد أن الأمر بالشيء نهي عن ضده كما قال الناظم:

والأمر نهي عن جميع ضده والنهي قل بواحد من ضده

والمراد في المعنى لا في اللفظ، فلما ثبت أمر النبي ? بإكمال عدة شعبان ثلاثين يوماً مع وجود المانع من الرؤية علمنا أنه نهي عن الصوم وحقيقة النهي المجرد عن القرائن التحريم كما أن حقيقة الأمر المجرد عن القرائن الوجوب والله أعلم.

الرابع: أن القاعدة المتقررة أن الأصل بقاء ما كان على ما كان وأنه لا ينتقل عن اليقين بالشك بل لا بد من يقين آخر يزيله، قال الناظم:

إن اليقين دائماً لا يرفع بالشك أما باليقين يرفع

والأصل هو بقاء شعبان وهو اليقين فلا نزيله إلا بيقين، ودخول رمضان لا يتحقق ذلك إلا بالرؤية أو إكمال شعبان ثلاثين يوماً كما هو مقتضى هذا الضابط.

وأما قولهم: إن نصوص الإمام أحمد تدل عليه فيجاب عنه بقول صاحب الفروع: كذا قال: ولم أجد عن أحمد أنه صرح بالوجوب ولا أمر به فلا تتوجه إضافته إليه ولذلك قال شيخنا أي أبو العباس – رحمه الله – تعالى: لا أصل للوجوب في كلام أحمد ولا في كلام أحد من الصحابة. اهـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير