تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

• فجنسُ الحاضرة أفضل من جنس البادية، وأما باعتبار الأفراد فقد يوجد من أهل الباديةِ ما هو أفضل من ألوفٍ من أهل الحاضرة.

تنبيه: ذكرَ شيخُ الإِسلام الحافظ تقي الدين بن تيمية -رحمه الله-: أنً اسم العرب والعجم قد صار فيه اشتباه، فإن اسم العجم يعّم -في اللغة- كل من ليس مِنَ العرب، لكن لما كان العلم والإيمان في أبناء فارس أكثر منه في غيرهم من العجم كانوَا هم أفضل الأعاجم فغَلب لفظ العجم في عرف العامة المتأخرين عليهم فصار حقيقة عُرفية عامية فيهم.

قال: واسم العرب في الأصل كان اسماً لقوم جمعوا ثلاثة أوصاف: أحدها: أنَّ لسانَهم كانَ اللغةَ العربية.

الثاني: أنهم كانوَا من أولاد العرب.

الثالث: أن مساكنهم كانت أرض العرب، وهي من بحر القلزم إلى بحر البصرةِ، ومن أقصى حجر باليمن إلى أوائل الشام، وفي هذه الأرض كانت العرب حين المبعث وقبله. فلما جاء الإِسلام وَ فُتحت الأمصارُ سكنوا سائرَ البلادِ من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب، وإلى سوَاحل الشام وأرمينية، وهذه كانت مساكن فارس والروم والبربر وغيرهم. ثم انقسمت هذه البلاد قسمين؛ منها ما غلبَ على أهله لسان العرب حتى لا يعرف عامتهم غيره، أو يعرفوَنه، وغيره مع ما دخلَ في لسان العرب مِنَ اللحْنِ. وهذا غالب مساكن الشام والعراق ومِصْرَ، والأندلس، والمغرب.

قالَ: وأظن أرض فارس وخراسان كانت هكذا قديماً. ومنها ما العجمة كثيرة فيهم أو غالبة عليهم كبلاد الترْكِ، وخُراسَان، وأرمينية، وأذربيجانِ، ونحوَ ذلك. وقد روى الحافظ السِّلَفِي بإسناده عن أبي هريرة -رض الله عنه - عن النبي -) - قَالَ:) مَنْ تَكَلَّمَ بالعربيةِ فهوَ عربي، ومَنْ أدركَ لَهُ أبوان في الإِسلامِ فهو عربي (.

قال: فهنا إن صح هذا الحديث فقد علقت فيه العربية بمجرد اللِّسان، وعلق فيه النَسب بأن يدرك له أبوان في الدولة الإِسلامية العربية.

وقد يحتج بهذا القولِ أبو حنيفة في قوَله: إنَِّ مَنْ ليسَ له أبوانّ في الإِسلام أو في الحرية ليس كفءاً لمن له أبوان في ذلك وإن اشتركا في العجمية و العتاقة.

ومذهبُ أبي يُوَسُف: ذو الأب كَذِي الأبوَينِ.

وهو مذهبُ الشافعية، حتى قَالوَا: إنَّ الصحابي ليس كفؤاً لبنتِ التَابعي.

ومذهبُ الإِمامِ أحمد أنَهُ لا عبرةَِ بذلكَ.

• وروى السلَفي أيضاً بإسَناده وفيه: فصعد -عليه السلام- المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:) أمَّا بعد، أيها النًاس فإنَّ الرب واحد، والأبُ واحد، والدَين واحد، وإنَّ العربيةَ ليست لأحدكم بأبٍ ولا أمّ، إنما هي لسانَّ، فمنْ تكلَّمَ بالعربيةِ فهو عربي (.

قال ابن تيمية: وهذا الحديث ضيعف؛ لكنَّ معناه ليس ببعيد. بل هوَ صحيح من بعض الوجوه ولهذا كان المسلمون المتقدموَن لما سكنوَا أرض الشام ومصر ولغة أهلها رومية وقبطيةْ وَأرض العِرَاق وخُرُاسان ولغَة أهلها فارسية. وارض المغرب ولغة أهلها بربرية، عَودوا أهلَ هذه البلاد العربيةَ حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم. وهكذا كانت خراسان قديماً ثم إنّهم تَساهلوَا في أمر اللُغةِ العربية، واعتادوا الخطابَ بالفارسيةِ حتى غلبت عليهم، وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم. وَلا ريب أنَّ هذا مكروه وإنَما الحَسَنُ اعتياد الخِطَاب بالعربيةِ حتى يلقنها الصغار في المكاتب وفي الدورِ، فيظهر شِعَارُ الإِسلام وأهله، ويكون ذلك أسهل على أهل الإسلام في فِقْهِ معاني الكتاب والسنَّةِ وكلامَ السلَفِ، لا سيما ونفس اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فَرْضٌ وَاجَبٌ، فَإن فَهْمَ الكتابِ والسُّنةِ فرض ولا يفهم إلا بفهم اللُّغَةِ العربيةِ، وما لاَ يتمُّ الوََاجِبُ إلا بهِ فهو واجب. ثم منها ما هوَ واجب على الأعيان، ومنها ما هوَ واجب على الكفاية.

وقد روى ابنُ أبي شيبة بإسناده، قال: كَتَبَ عمر إلى أبي موسى -رض الله عنهما-: اما بعد: فتفقهوَا في السُنةَ، وتفقهوَا في العربيةِ، وأعربوا القرآنَِ، فإنَهُ عربيُ (.

وفي لفظ آخر عن عُمَر: تعلموَا العربيةَ فإنها مِنَ دينِكُمْ، وتعلموَا الفرائضَ فإنَها مِنْ دِينِكُمْ.

وأما الرطانة: التي هي التَكلمُ بغير العربيةِ تشبهًا بالأعاجم، فقد قالَ عمرُ بنُ الخَطَّابِ: إيَّاكم وَرَطَانة الأعاجم. وانْ تدخلوَا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير