بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون] (1).
وقال العلامة ملا علي القاري: [ ... فما يفعله المؤذنون الآن عقب الأذان من الإعلان بالصلاة والسلام مراراً أصله سنة والكيفية بدعة لأن رفع الصوت في المسجد ولو بالذكر فيه كراهة سيما في المسجد الحرام لتشويشه على الطائفين والمصلين والمعتكفين] (1).
وبيَّن الحافظ ابن حجر أن ما أحدث من التسبيح قبل الصبح وقبل الجمعة ومن الصلاة على النبي e ليس من جملة الأذان لا لغةً ولا شرعاً (2).
وقال ابن الحاج: [وكذلك ينبغي أن ينهاهم - أي المؤذنين - عما أحدثوه من صفة الصلاة والتسليم على النبي e عند طلوع الفجر وإن كانت الصلاة والتسليم على النبي e من أكبر العبادات وأجلها فينبغي أن يسلك بها مسلكها فلا توضع إلا في مواضعها التي جعلت لها.
ألا ترى أن قراءة القرآن من أعظم العبادات ومع ذلك لا يجوز للمكلف أن يقرأه في الركوع ولا في السجود ولا في الجلوس أعني الجلوس في الصلاة لأن ذلك ليس بمحل للتلاوة.
فالصلاة والتسليم على النبي e أحدثوها في أربعة مواضع لم تكن تفعل فيها في عهد من مضى والخير كله في الاتباع لهم رضي الله عنهم ... والصلاة والتسليم على النبي e لا يشك مسلم أنها من أكبر العبادات وأجلها وإن كان ذكر الله تعالى والصلاة والسلام على النبي e حسناً سراً وعلناً لكن ليس لنا أن نضع العبادات إلا في مواضعها التي وضعها الشارع فيها ومضى عليها سلف الأمة] (3).
وقال الشيخ ابن حجر المكي: [قد أحدث المؤذنون الصلاة والسلام عقب الأذان للفرائض الخمس إلا الصبح ... ولقد استفتي مشايخنا وغيرهم في الصلاة والسلام عليه e بعد الأذان على الكيفية التي يفعلها المؤذنون فأفتوا بأن الأصل سنة والكيفية بدعة وهو ظاهر ... ] (1).
وأشار الشيخ ابن حجر المكي إلى أن الصلاة والسلام على النبي e قبل الأذان ليست سنة فمن أتى ذلك معتقداً سنيته في ذلك المحل المخصوص نهي عنه ومنع منه لأنه تشريع بغير دليل ومن شرع بلا دليل يزجر عن ذلك وينهى عنه (2).
وسئل الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية عن الصلاة والسلام على النبي e عقب الأذان؟ فأجاب: [أما الأذان فقد جاء في - الفتاوى - الخانية أنه ليس لغير المكتوبات وأنه خمس عشرة كلمة وآخره عندنا لا إله إلا الله وما يذكر بعده أو قبله كله من المستحدثات المبتدعة ابتدعت للتلحين لا لشيء آخر ولا يقول أحد بجواز هذا التلحين ولا عبرة بقول من قال: إن شيئاً من ذلك بدعة حسنة لأن كل بدعة في العبادات على هذا النحو فهي سيئة …] (3).
وقال الشيخ سيد سابق: [الجهر بالصلاة والسلام على رسول الله e عقب الأذان غير مشروع بل هو محدث مكروه] (4).
وأجاب العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي الديار السعودية على سؤال حول الصلاة والسلام على النبي e بعد الأذان فأجاب: [هذا المقام فيه تفصيل فإن كان المؤذن يقول ذلك بخفض صوت فذلك مشروع للمؤذن وغيره ممن يجيب المؤذن لأن النبي e قال: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليَّ فإنه من صلى عليّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً ثم اسألوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة) أخرجه مسلم في صحيحه.
وروى البخاري في صحيحه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال رسول الله e :( من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة).
أما إن كان المؤذن يقول ذلك برفع صوت كالأذان فذلك بدعة لأنه يوهم أنه من الأذان والزيادة في الأذان لا تجوز لأن آخر كلمة: (لا إله إلا الله) فلا يجوز الزيادة على ذلك. ولو كان ذلك خيراً لسبق إليه السلف الصالح بل لعلمه النبي e أمته وشرعه لهم وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أخرجه مسلم في صحيحه وأصله في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها. وأسأل الله سبحانه أن يزيدنا وإياكم وسائر إخواننا في الفقه في دينه وأن يمن علينا جميعاً بالثبات عليه إنه سميع قريب] (1).
¥